تعالى في صفة الوجوب، وهذا واضح في فساد ما دانوا به.
ويدل على فساد قولهم - أيضا- إنه لو كان المخير فيه واجبا كله قبل وقوعه لوجب على المكلف أن ينوي فعل جميع الكفارات الثلاث على الجمع وعلى وجه ما وجبت عليه قبل الامتثال. وهي كلها عندهم واجبة عليه. فوجب أن ينويها على هذا الوجه، وذلك خلاف الإجماع فسقط ما قالوه.
وقد شغب بعضهم فقال عند سؤالنا عن الجامع بين الكفارات الثلاث، أهي واجبة كلها أم /ص ٢٠٢ الواحد منها؟ فقال: هذا سؤال لا معنى له، لأنه بفعلها قد خرجت عن الوجوب، وإنما تكون واجبة قبل الفعل.
فيقال له: هذا لا ينجي، لأنها إذا كانت واجبة كلها قبل وجودها كانت إذا فعلت فقد فعل ما كان واجبا كله، ووجب الثواب على جميعها والعقاب على تروكها، فيكون الوجوب متعلقا بها على وجه واحد، ولا جواب عن ذلك.
وقال بعضهم: لا أعرف الواجب منها إذا جمع بينها.
يقال له: كيف لا تعرف وجوب جميعها. وأنت قد زعمت أن جميعها كان واجبا على حد سواء قبل وقوعها. وإيقاعها على وجه الجمع لا يخرجها عن تعلق الوجوب بسائرها وكونها في المصلحة على وجه واحد. وهذا ظاهر السقوط في قولهم.
وقال بعضهم: إذا جمع بين سائرها كان الواجب منها عند الله واحدا واثنان منها نفلا. وهذا خبط منه، لأن الوجوب كان متعلقا بجميعها على حد سواء،