مَّا قَدْ سَلَفَ} وعموم هذا عند مثبتي العموم يقتضي غفران جميع ما سلف وسقوط كل ما كان واجبا عليهم وكذلك قوله عليه السلام:" الإسلام يجب ما قبله" ومعناه أن يقطع وجوب ما كان وجب من الفرائض والعقاب والذم إلا ما قام دليله, لأن الجب إنما هو القطع, فثبت بذلك ما قلناه وسقط ما اعتلوا به. وأما الكافر إذا أسلم مع بقاء الوقت, فهو مخاطب بالصلاة لبقاء وقتها, وبمثابة الطفل إذا بلغ والحائض إذا طهرت. وليس ذلك بمشبه لوجوب الزكاة وتعلقها في ذمته وصحة إخراجه لها, لأن الإخراج لما وجب منها لا وقت له محصور, وإنما يجري ذلك مجرى الواجب من قضاء الدين, فافترق الأمران.
واستدل بعضهم على ذلك ممن يقول إن المرتد يجب عليه قضاء العبادات من الصيام والصلاة وغير ذلك إذا رجع إلى الإسلام مما تركه أيام ردته بأنه لو كان الكافر الأصلي واجبا عليه هذه العبادات لجرى مجرى المرتد في وجوب القضاء عليه, ولما افترقا في هذا الباب علم أن المرتد مخاطب مع ردته بها. وأن الكافر الأصلي غير مخاطب بها.
يقال لهم: أما هذا الاعتلال فساقط ⦗٢٢٤⦘ على قول من لا يوجب على المرتد قضاء شيء من ذلك. ومن قال من هذا الفريق بوجوب الحج عليه إذا عاد إلى الإسلام لا يجعل هذا الحج قضاء، وإنما يجعله حجة الإسلام وفرضا مبتدأ, لأنه قد أبطل حجه وعمله بردته، واستؤنفت عليه الفرائض عند إسلامه فزالت المعارضة عنهم بالحج.