قيل له: يجوز ذلك الشهور والسنين الكثيرة، وإلا فما الفصل، وهذا يوجب صحة الوقف فيه أبداً، وتحريم الإقدام عليه في كل وقت، وذلك باطل.
ومما يبين فساد هذا القول ودعواه على أهل اللغة في أصل الوضع علمنا باتفاق أهل اللغة على مدح المسارع إلى ما يؤمر به واعتقادهم فيه امتثال المأمور به. هذا معلوم من حالهم وحكم مواضعتهم قبل مجيء الشرع، وقولهم: فلان ممن يسارع إلى المرسوم وإلى امتثال للأمور به ولا يبطئ ولا يتأخر عما يؤمر به، ولأجل هذا قال كثير من الناس بوجوبه على الفور دون التراخي. وإن لم يقصد أهل اللغة عندنا إلى ما ادعوه، ولكنهم قصدوا إلى زيادة مدح من يسارع إلى امتثال الماس به ويبادر إليه. وإن كان له تأخيره. وعلى هذا دل قوله تعالى:{وسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} وقوله سبحانه: {يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} في أمثال هذه الآي، فوجب بذلك بطلان القول بالوقف، وانه على التراخي من عقيب الأمر إلى ما بعده أو الفور. فإذا دللنا على فساد القول بالفور صح القول بالتراخي.
ونحن تذكر من بعد إقامة الدليل على فساد القول بالفود بذكر حال الواجب