لمن تناوله، وتارة إلى القياس على المعنى. وذلك ما لا بد منه. وإذا ثبت ذلك لم يجز أن يقال إن خطاب الواحد المخصوص والجماعة بها يخصها من الخطاب خطاب لجميع أهله العصر، نحو قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ} لأن إرساله إليهم إنما يقتضي كونه مرسلاً إلى جميعهم فقط، ولا يقتضي إرساله إليهم بأحكام متساوية، ولأجل هذا صح كونه مرسلاً، إلى الحر والعبد، والذكر والأنثى، والحائض والطاهر، والمقيم والمسافر، وإن لم يوجب ذلك تساوي أحكامهم، وما أرسل به إليهم.
فإن قالوا: الإرسال يتضمن كون الرسول مرسلاً إلى جميعهم بالحكم الذي كلف أداءه.
قيل لهم: هذا معرف لجميعهم الحكم الواجب على جميعهم والحكم الواجب على بعضهم دون بعض. هذا موجب كونه مرسلاً إليهم. فأما أن يقتضي تساوي فرائض جميعهم فذلك باطل. ولذلك كان مرسلاً/ ص ٢٥٦ إلى الحر والعبد وإن اختلف فرضاهما. فبطل التعلق بالظاهر. وكذلك قوله تعالى:{بَشِيرًا ونَذِيرًا} لأنه ينذر جميعهم بوجوب فرائض عامة على جميعهم وينذرهم بفرائض خاصة في بعضهم. والإنذار لا يقتضي تساوي الفرائض فيما اعلموه وانذروا به، ولا يجوز - أيضا - أن يكون الموجب لدخول الجميع في خطاب الواحد والنفر المخصوصين قوله تعالى:{لأُنذِرَكُم بِهِ ومَن بَلَغَ} لأن الإنذار لهم إعلام وتعريف، فهو يعرفهم ما يجب على جميعهم تارة، وما يختص بفرضية بعضهم أخرى، كما أنه منذر للحر والعبد باختلاف فرضيهما تارة، واستوائهما