قال القاضي: فقلت لهم: كذا قال ابن كلاب والمحاسبي ومن في عصرهم عن المأمون إنه فاسق لا نحضر مجلسه حتى ساق الإمام أحمد بن حنبل إلى طرطوس وجري عليه بعده ما عرف، ولو ناظروه لكفوه هذا الأمر، وتبين له ما هم عليه من الحجة، وأنت -أيضاً- أيها الشيخ تسلك سبيلهم حتى يجرى على الفقهاء ما جرى على الإمام أحمد، وبقولون بخلق القرآن ونفي الرؤية. وها أنا خارج أن لم تخرج. فقال الشيخ: إذ شرح الله صدرك لهذا فاخرج)).
فإذا السبب في إحضار البلقاني إلى مجالس عضد الدولة هو مشاركته في المناظرات الدائرة في مجالسة، والتي كانت قاصرة على علماء الدولة المعتزلة. ثم أرسل عضد الدولة الباقلاني إلى بلاد الروم في سفارة. وهناك عقد العديد من المناظرات.
والراغب في الإطلاع على مناظرات الباقلاني وما دار فيها يجدها في الكتب التالية: ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك - الجزء السابع- والكامل لابن الأثير وتبين كذب المفتري لابن عساكر، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوي، والبداية والنهاية لابن كثير، وعيون المناظرات للسكوني، وسير أعلام النبلاء للذهبي، وطبقات الخضري مناظراته في بلاد الروم في رسالة سماها ((الباقلاني)).
ومناظرات الباقلاني تنقسم إلى قسمين:
فالقسم الأول هو الذي عقده مع المعتزلة وغيرهم في مجالس عضد الدولة وغيرها وهو كثير جداً يصعب حصره.
والقسم الآخر هو ما عقده في بلاد الروم أثناء سفارته إليها، وهو ممكن الحصر، نظراً لقصر المدة التي أقامها عندهم.