وقد يجوز أن يجيبوا عن ذلك بأن يقولوا إنما منعنا له وقت الصلاةً، لأجل أن منعنا له صار سببًا لوجوب فرض آخر عليه يوصف بأنه قضاء لما منع منه، لأنه في تقدير من وجب عليه الفعل? وذلك بمثابة وجوب القضاء على الحائض وإن لم يجب عليها الصيام، لما عرض لها من الحيض، على ما بيناه من قبل.
وقد يمكن أن يجاب عن هذا بأن يقال: ليس بأن يستحق المانع الذم لكون منعه بسبب الفرض هو القضاء بأولى من استحقاقه المدح، لأجل إزالة ما يمنع فرضًا? لولا منعه لكان لازمًا، فقد أسقط عنه مثل الذي أوجب عليه. وربما أجابوا عن ذلك بأن يقولوا لم يقبح المنع من فعل الصلاة لأجل وجوبها مع المنع لكون التمنع لطفًا في فساد المانع والممنوع، وكونه داعيًا إلى فعل القبيح وترك الحسن. لأنه لو لم يكن كذلك لم يحظر فعله.
وقد يجيبون عن ذلك بأنه لم يقبح المنع لكونه منعًا مما وجب فعله، لكن لكونه مخرجا للممنوع عن صفة من يصح تكليف الصلاة. وتكليف الصلاة تفضل وإحسان ونفع وتعريض لثواب عظيم. وبما قدمناه.
ومما يعتمدون عليه في ذلك إجماع الأمة قبل وجود المخالف في ذلك، على أن الله سبحانه قد أمر على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - في وقته لأهل عصره، ومن يأتي بعده من المكلفين بشرائع الدين وبترك القتل والزنا / ص (٢٧٤) وشرب الخمر وجميع المحرمات في المستقبل. ولا يجوز أن يكونوا مأمورين بفعل القرب واجتناب المحظورات إلا بشريطه بقائهم وسلامتهم، فصح بذلك ما قلناه.