وما أنكرتم أنه غير المأمور، ومما لم يصح فيه نية الوجوب. وهو مع ذلك ثابت في إسقاط الفرض مناب المأمور به لو وقع، فلا يجدون في ذلك متعلقًا.
فإن قالوا: يحتاج كونه واقعًا موقع الصحيح إلى دليل.
قيل: أجل، وما نُحله محل الصحيح إلا بدليل، وليس من هذا اختلفنا، وإنما خالفناكم في قولكم نفس كونه معصية، غير المأمور به فظاهر النهي عنه يقتضي كونه غير مجزيء. وليس الأمر كذلك، فلا يقتضي - أيضًا - كونه كذلك كونه صحيحًا مجزئًا، بل يحتاج في كونه كذلك إلى دليل، ويحتاج - أيضًا - في كونه غير مجزئ إلى دليل. فدلوا على ما ادعيتم.
ثم يقال لهم: يدل على إجزائها مع كونها معصية غير المأمور به إجماع السلف الذي وصفناه على كونها صحيحة مجزئة وإن كانت عالمة بأنها معصية قبيحة غير المأمور به. فلو كان من حق ما ينوب مناب الفرض أن يكون طاعة مأمورًا به لم يجمعوا على إجزاء المعصية مع كونها واقعة موقع الصحيح.
فإن قالوا: فقد أجمعت الأمة - أيضًا - على أن غير المأمور به لا يقع موقعه.
يقال لهم: هذه غفلة. متى أجمعت الأمة على ذلك، وقد بينا أنها قد أجمعت قبل حدوث أبي شمر على إجزاء هذه الصلاة مع العلم بأنها معصية، غير المأمور به/ ص ٣٢٠ وإذا كان ذلك كذلك سقط ما اعتلوا به.