وكذلك إذا قيل حكم الله في قطع السارق وجلد الزاني حكم عام فإنما ذلك مجاز, لأن حكمه على كل واحد منهم بما حكم به عليه من حد وغيره غير حكمه على الآخر، والمراد بذكر الحكم في هذا الكلام الحد المحكوم به باتفاق. والموجب من حد كل واحد منهم باتفاق غير الموجب على غيره, وغير مشترك بينه وبين غيره، كذلك ما إذا استوفي الحد من واحد منهم لم يكن مستوفي من جميعهم, إذا عصى بترك حد البعض منهم لم يكن ذلك عصيانا في إقامة الحد على الباقين ⦗٣٢٩⦘
وكذلك القول في العبادات الموجبة على كل واحد من المكلفين, وفي أنها غير العبادة الواجبة على غيره. وإنما يصح أن يقال أنه قد وجبت على كل متعبد, ولزم إقامة الحد على كل مجرم بحكم ولفظ عام يشتمل على جماعة من يتناوله الاسم أو فريق منهم, فيوصف بذلك لأنه بنفسه مشتمل على ما اشتمل عليه, فأما أن يكون الواجب على واحدهم هو نفس الواجب على غيره, فذلك محال.
فصل: فإن قال قائل: لم أذهب في القول بدخول العموم في المعاني إلى ما قلتم، وإنما عنيت بذلك أن الأفعال إذا اشتركت في أحكام وصفات وصفت بأنه عموم.
يقال له: ما تمنع اشتراك الأفعال والصفات المتغايرة في أحكام وحقائق تجمعها, ولذلك قلنا إن جميع الأفعال والصفات مشتركة في حقيقة الوجود. وغير ذلك من الأحكام، غير أن الوجود ليس بمعنى ثابت يكون جامعا لجميعها أو متناولا لها, وإنما وجود كل شيء منها هو ذاته, وذاته ليست بذات غيره, ولا كل شيء منها غيره, ولا ههنا أمر هو وجود قائم يكون جامعا لها أو مشتملا عليها, فبطل هذا الكلام الذي قالوه.
وقد اتفق أهل اللغة على أن الأفعال المشتركة في حكم وصفة من الصفات لا