يقال له: لا يصح ذلك على قول أصحاب الخصوص, ولا على قول أهل الوقف, ولا على قول مثبتي العموم.
فأما أصحاب الخصوص فإنه عندهم موضوع للخصوص. فإذا ورد للخصوص فإنما ورد لما وضع له حقيقة، فكيف يقال إنه عموم، هذا بين الامتناع على قولهم.
وأما أصحاب الوقف. فإنهم يقولون إنه يصلح للبعض حقيقة، وللكل حقيقة, فإذا ورد لأحدهما كان له, فإن كان مستغرقا لم يكن مقصورا على البعض ومقصودا به إليه لم يكن مستغرقا, فمحال على هذا أن يكون العام مخصوصا.
فأما أصحاب العموم فإنهم يقولون: إن قولنا المشركون والمؤمنون عموم, وإن فائدة وصفه بذلك أنه موضوع في اللغة لاستغراق آحاد من يقع عليه الاسم.
فإذا ورد والمراد به البعض لم تتغير بنيته وصورته، ولم يخرج بذلك عن أن يكون لفظا منه بالعموم في أصل الوضع, ولم يصر خاصا بالقصد به إلى بعض من وضع له في الأصل. فيجب إذا كان ذلك كذلك أن يكون وصفه بأنه خاص وخصوص مجازا واتساعا, وعلى وجه التشبيه بالقول الذي وضع في الأصل لذلك القدر, والبعض الذي أريد به دون غيره, لا يصح غير هذا، لأنه لو صار القول خاصا على الحقيقة بالقصد به إلى بعض ما وضع له, وهو في الأصل مبني للعموم لوجب أن يكون عاما خاصا على الحقيقة, وأن يكون عاما بالوضع وحكم اللغة, وخاصا بقصد المتكلم به وإرادته للبعض. وهذا تناقض ظاهر?. ص ٣٣١
لأن قول يوجب أن يكون مستغرقا مستوعبا بحق اللغة والوضع، ومقصورا على البعض ما هو موضوع له بحق الإرادة لذلك, وهذا جهل عظيم, وإذا لم يجز ذلك ثبت أن معنى وصف القول العام على أصلهم بأنه خصوص إنما جرى عليه مجازا واتساعا, ولأنه لو كان لفظ العموم خصوصا بالقصد إلى تخصيصه لصار