قيل: إنما تصير كذلك بإرادة المعبر وقصده لا لنفسها وجنسها وصيغتها ولا لحدوثها ولا للعلم بوقوعها ولا للإرادة لحدوثها, لأن جميع هذه الأمور تحصل للفظ وإن كان المراد به بعض محتملاته وغير ما وضع له, فعلم أن المؤثر في صرفها إلى بعض محتملاتها أو غير ما وضعت في الأصل له إنما هو إرادة المخاطب بها وقصده, وإنما الأدلة والأحوال الظاهرة تدل على قصد المتكلم بها فيعلم عند ذلك ما أريد بها, وتكون الأدلة دالة على الإرادة التي بها يقع التخصيص أو تصير الكلام لبعض محتملاته.
وذلك نحو القول: إي شيء يحسن زيد؟ وقولهم سلام عليكم, المحتمل للتحية والهزل والاستجهال والاستفهام والتفخيم والتقليل فيصبر الكلام لبعض ذلك بالقصد إليه ويعلم القصد إليه إما بضرورة عند أمارات ظاهرة وبشاهد حال أو دليل. ⦗٣٣٣⦘
فأما بعض نفس الكلام الذي في النفس فإنه لا يتغير حال كل ضرب منه, ولا يصير متعلقا بمتعلقة بالإدارة والقصد, كما لا يصير العلم والقدرة متعلقين بمتعلقاتها بالإرادة والقصد إلى ذلك.