كالذي يعلم عند ضرورة بر البار وعقوق العاق والتحية والاستجهال.
وقد يقع العلم ضرورة بقصد المتكلم يعرف عادة مستقرة، نحو حصول العلم الضروري بمراد المتكلم إذا قال وهو على الطعام اسقني ماء، وأنه يريد ماء القراح البارد الزلال دون الحار، ودون ماء الآبار والبحار وإذا كان ذلك كذلك بطل ما توهموه من وجوب ثبوت لفظ ينبئ عن المراد، أو إفراد طريق العلم بالعموم، وقد يعلم عموم قوله تعالى:(بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) وقوله تعالى: (ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) بدليل العقل، وليس هو لفظ ولا معنى مستخرج من لفظ.
وأما قولهم وإن كان ما به يعلم المراد معنى ليس بلفظ فإنه تابع للفظ، ومحال أن لا يعلم القصد باللفظ الذي هو الأمر والأصل ويعلم بتوابعه، فإنه قول باطل من وجهين:
أحدهما: إن هذه الأسباب والأحوال ليست عند أكثر الناس من توابع الألفاظ/ ولا توصف بذلك، بل هي أصول في أنفسها، وعندها يقع العلم بالمراد ضرورة.
وكيف تكون من توابع اللفظ واللفظ لا يعلم به ولا عند سماعه القصد، وهذه الأحوال يعلم عندها ضرورة قصد المتكلم إلى ما يقصده، وإذا كان ذلك كذلك بطل ما قالوه.