اضطروا عندها إلى مراده، لأنه مشاهد لهم وممن يصبح للعلم بقصده ضرورة، كما أن ذاته معلومة لهم ضرورة، ويعلم ذلك التابعون بنقل الصحابة إليهم وإخبارهم لهم أنهم علموا قصده ضرورة، ثم كذلك قرناً بعد قرن إلى وقتنا هذا وما بعده من أعصار ما بقي التكليف.
فإن قالوا: ومن أين علم الرسول عليه الصلاة والسلام عموم تلك الألفاظ حتى/ وقف الأمة على عمومها بعد علمه به.
قيل لهم: بتوقيف جبريل عليه السلام له على ذلك وتأكيداته له وأحواله وإشاراته الظاهرة للرسول عليه الصلاة والسلام. فحال الرسول في العلم بمراد جبريل عليه السلام المعلوم ذاته له ضرورة حال الرسول عليه الصلاة والسلام مع الأمة في صحة اضطرارهم إلى مراده عند مشاهدة ذاته وأحواله وإشاراته.
فإن قالوا: ومن أين علم جبريل عليه السلام مراد الله سبحانه وتعالى وقصده إلى العموم بما سمعه من كلامه أو نقله من اللوح المحفوظ إلى الرسول؟
قيل: قد يعلم ذلك بأن يبتدئ العلم تعالى ويخلقه في قلبه ضرورة بقصده إلى العموم وإلى كل معنى يريده بالخطاب المخالف لأجناس كلام الخلق بعد اضطراره إلى العلم بداية وإسقاطه عنه فرض معرفته، لأن علم الاضطرار بمراده ومراد كل متكلم وبكل معلوم ضرورة من فعله تعالى، وهو التفرد بخلقه والقدرة عليه، دون سائر خلقا قاما ما ينقله الملك من اللوح المحفوظ فإنما يعلم المراد به بأن يجده مكتوبا بلغة الرسول وقومه