وليس لأحد أن يقول هو من أخبار الآحاد المدلول على صحتها، لأننا قد قلنا إن جملة ما يدل على صدق المخبر أن ينص الله تعالى أو رسوله على صدقه، أو إجماع الأمة على ذلك، أو يوجب بصفة العقل صدق خبره أو بنقله الناقل له بحضرة قوم يدعى حضورهم الخطاب بما يقوم مقام دعواه. فلا يردون خبره على ما سنشرحه في كتاب الأخبار إن شاء الله تعالى، وليس في نقل صيغة العموم شيء من ذلك، فوجب اطراح الخبر عنهم به، وإن كان الخبر عنهم به متواتراً يوجب العلم وجب أن يعلم ذلك ضرورة من تواضعهم، وفي رجوعنا إلى أنفسنا ووجودنا لها غير عالمة بذلك، بل عالمة بخلافه دليل على سقوط هذه الدعوى وبطلانها، وثبت أنه لا سبيل إلى العلم بما يدعونه من العموم.
وقد قلنا عند ذكر هذه الدلالة في إبطال لفظ وضع الأمر أو لكون الأمر على الوجوب أنه لا يجوز أن يقبل في إثبات لغة أخبار الآحاد كما قبل ذلك في مسائل الأحكام. وإنما عملنا بها في الأحكام لوضع التعبد به، وإجماع الصحابة عليه، وليس مثل ذلك في إثبات لغة بخبر واحد، وأنه ليس لهم قلب هذه الدلالة في القول بالوقف، وأنه لم يثبت به عنهم رواية وأن معنى القول بالوقف: أن اللفظ الذي يدعون وضعه للعموم لم تضعه أهل اللغة للعموم ولا للخصوص على ما ادعاه القائلون بذلك، وأنه لا يجب أن ينقل عنهم ما لم يضعوه.
وإنما يجب نقل ما وضعوه واستغناء القول في ذلك بما يغني عن رده.