أصحاب الخصوص وأيدوا دعواهم بأن استعماله/ في البعض هو الأغلب الأكثر في الكتاب والسنة وكلام أهل اللغة، واستعماله في الكل هو القليل النزر. وما وضع لشيء لا يرد له قليلاً نادراً، وإنما يرد كذلك فيما لم يوضع له، وهؤلاء أسعد بدعواهم من أصحاب العموم.
ثم يقال لهم: أنتم في شغل من إقامة الدليل على أن هذه الألفاظ مستعملة في البعض على سبيل المجاز، ولو سلم ذلك لكم لسلم القول بالعموم. وقد أفسدنا من قبل كل عمدة لكم في وجوب القول بالعموم، فبطل ما قالوه.
فصل: دليل آخر
ومما يدل على ذلك وجودنا أهل اللغة يستعملون مطلق جميع ما ادعوه من الألفاظ تارة في الكل وتارة في البعض، كما يستعملون القول "عين ولون "في جميع ما يشترك في الاسم فوجب القول بكونها مشتركة محتملة.
فإن قالوا: إنما يستعمل مطلقها في البعض مجازاً فقد أجبنا عن ذلك بما فيه بلاغ وإقناع. وأقل ما يجب في ذلك أن يقال، بل هي لأقل الجمع حقيقة، ومجاز فيما زاد عليه، وما هذه الدعوى إلا بمثابة من قال إن مطلق اسم اللون مستعمل في السواد وجارٍ على ما عداه مجازاً واتساعاً.
ويقال لهم: لما كان استعماله في البعض هو الأكثر الأغلب وجب كونه حقيقة فيه وأن يكون مجازاً في الكل، لأنه هو الأقل.