معناه من الألفاظ فإنه لا فصل على قولهم بين النسخ والتخصيص فيما لأجله كان التخصيص تخصيصًا ومجرى عليه هذا الاسم في الحقيقة أو مجاز. وذلك أننا قد اتفقا جميعًا على أن الأشخاص والأزمان لا يدخلان تحت قدر العباد ولا يتناولهما التكليف في خصوص ولا عموم, وإنما التكليف/علينا في قوله: اقتلوا المشركين. وقوله: صلوا أبدًا دائمًا إيقاع القتل في جميع في جميع من يجري عليه الاسم, وإيقاع الصلاة في جميع الأزمان. فإذا بين أنه أراد إيقاع في الفتل في بعضهم كان ذلك تخصيصًا ولم يكن نسخًا, لأنه لم يستقر وجوب القتل فيمن خص منهم, ولا يجوز أن يقال قد نسخ الحكم فيمن لم يقصد به ويدخل تحت اللفظ.
وكذلك إذا قال صلوا أبدًا دائمًا ثم نسخ بعد ذلك أو بعد دلالة التكرار وإن لم يكن لفظًا فإنما بين عند من خالفنا في حد النسخ وحقيقته إنه لم يرد إيقاع في الأزمان المستقبله, وإن كانت داخلة تحت الإطلاق, وإن صح عندهم عما لم يرد إيقاع الصلاة فيه من الأزمان فيجب لا محالة أن لا يقال نسخ العبادة في ذلك الزمان, لأنه لم يرد إيقاعها فيه, وإنما بين أنه مما لم يرد, كما لا يجوز أن يقال نسخ وجوب قتل ذي العهد والأمان والطفل والنساء والشيخ الفاني, لأنهم ممن لم يرد إيقاع القتل فيهم بالخطاب, وهذا مما لا يلتبس على من له أدنى تحصيل تساويهما وتعذر الفصل بينهما. فوجب على قولهم أن يكون النسخ تخصيصًا على الحقيقة, وليس بتبديل للحكم. فإن جازت تسميته نسخًا وحاله ما ذكرناه وجبت تسمية كل تخصيص لعموم من الأحكام وغيرها نسخًا وإن كان بيان ما لم يرد بالخطاب, ولا مخرج لهم من ذلك أبدًا.
فإن قال قائل: فكيف يصح على أصولكم أنتم القول بالنسخ مع إنكاركم القول بالعموم.