للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخ ما دل الدليل على تكراره, فوجب أنه لا فصل بينهما. وقول من قال منكم إنما أجيز مسخ مثل هذا إذا أشعر معه بما يؤذن بجواز النسخ, نحو قوله إلى أن أنسخ, وإلا أن أنسخ عنكم لا ينجيه, لأن أكثر ما في هذا الإشعار تجويز النسخ, وهو قائم في العقل, وإن لم يقل ذلك, ثم إذا نسخ أوقع عندكم ما أوجبه اللفظ الأول, بل بين ما لم يرد به, فليس إذا نسخ ولا تبديل.

ثم لو لم يقولوا إن من الشريعة نسخ لما أوجب اللفظ دوامه لم يكونوا- أيضًا- قائلين بالنسخ, لأن الدلالة عندكم إذا دلت على التكرار, ثم ورد نسخ العبادة في مستقبل الأزمان, فإنما بين أنها لم ترد في تلك الأزمان, وأن تلك الدلالة التي كان ظاهرها يتصور به التكرار المراد بها ذلك القدر دون ما بعده, فهو إذا بيان ما أريد مما لم يرد, وذلك ليس من النسخ والتبديل في شيء, وإنما هو بمثابة بيان لم يرد باللفظ العام في الأعيان من حيث لا فصل بينهما.

فصل: فإن قالوا: إنما بفصل بين التخصيص والنسخ من حيث جاز التخصيص بخبر الواحد والقياس, وامتنع إعمالهما في النسخ بهما.

يقال لهما: قد بينا أنه لا يمكن على أصلكم الفرق بينهما- فيجب أن يعلم القياس وخبر الواحد في النسخ, لأنك لا ترفع وتزيل بالناسخ حكمًا ثبت واستقر, وإنما تبين بهما ما لم يرد مما أريد, كما تصنع ذلك في تخصيص الفعل في الأعيان فيجب أن تسوي بينهما من حيث لا فصل.

فأما نحن قلنا أن نفصل بينهما, فنقول التخصيص بيان لم يرد بالخطاب ولم يستقر حكمه ولم يتيقن ثبوته والنسخ رفع ما قد علم وثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>