ذلك, أو إجماع من الأمة على تصديقه, ونحو ذلك علم بنقله مراد النبي عليه الصلاة والسلام من جهة الدليل.
وإن خبرنا بمعرفة مراده بالخطاب قوم هم أهل تواتر, وممن يعلم صدقهم ضرورة فيما نقلوه مما اضطروا إلى العلم به وجب لنا العلم بقصده ضرورة, وكان سماعنا لإخبارنا عنه بذلك بمثابة سماعنا منه واضطرارنا إلى مراده, وهذه سبيل كل محتمل من الخطاب الوارد في الكتاب والسنة التي لا يعرف مراد النبي صلى الله عليه وسلم به ضرورة, فيجب تنزيل ذلك على ما وصفناه.
فصل: وعلى هذه الطريقة يجب تنزيل خطاب الأمة وإطلاقها اللفظ العام في صحة قصدها به إلى الخصوص تارة, وإلى ما يفيده موضوعه من العموم أخرى, لأنها مشاهدة ومسموعة القول.
فإن اضطررنا إلى قصدهم بالخطاب حملناه على ما عرفناه من قصدها في عموم أو خصوص, وإن خبرنا عنهم بذلك من يعلم صدقه ضرورة أو دليلًا قام ذلك مقام تلقيه الخطاب عنها ومعرفة مراده بغير واسطة, وإن أخبرنا عنها, بمعرفة مرادها من لا يعلم صدقه, ولا كونه جوزنا قصدها إلى كل واحد من الأمرين, ولم يقطع على مراد جميعها بالإطلاق لجواز تجويز البعض منهم بإطلاقه وإخفاء مراده وتعميته, وغير ذلك من الأمور, وحال الأمة في استعمال ما يطلقه حال الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمر من ذلك واحد, ولهذا يجب تخصص كثير من إطلاقاتها نحو قولهم: الأشياء لله, وكل كائن بقدرة الله, وقد علم أنها لا تريد بذلك نفسه تعالى, وإن كل كائن من قديم وباق فبقدرته.