أنه لا خلاف في جواز اقترانه به له لوروده مورد البيان لتخصيصه. ومتى جاز الاقتران لم يكن العمل بأحدهما ووجب تعارض قدر ما تناوله العام لزم العمل في حكه بشيء غيرهما? هذا واجب عندنا.
فأما قول من زعم أن البناء والترتيب أولى لأنه استعمال للخبرين. فإنه قول باطل، لأنه استعمال للخاص وإطراح لقدر ما تناوله من العام، وإن كان اللفظ يقتضي دخوله فيه فما استعملوا الخاص علي موجبه، وليس باطراح ذلك القدر من العام لكان الخاص أولى من إطراح الخاص لموضع اقتضاء العام لدخوله فيه، وذلك ما لا حيلةً في دفعه.
فأما إذا لم نقل بالتعارض وجب القول بتخصص العام بنص السنة والكتاب وفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - القائم مقامهما؛ لأنه لا يمكن استعمالهما إلا على وجه تخصص العام بالخبر الخاص وبيانه عليه واستعماله فيما بقي، وكذلك سبيل التعارض أو التخصص بين فعله الواقع موقع البيان وتركه الفعل الواقع على وجه البيان، لأنه يمكن أن يقع على وجه النسخ وعلي وجه البيان، ويستدل على وقوع فعله موقع قوله.
فصل: فإن كان الخبر الخاص من أخبار الآحاد التي لم يعلم صحتها ضرورة. ولا بدليل من اجماع أو غيره وجب أن يقول إنه مخصوص للعام في حق من رأى العمل بذلك الخبر دون من لم يره من العلماء وهو أيضا خاص عند الله تعالى في حق فرضه على ذلك العالم وفرضه على غيره القول بأنه عام غير خاص، لأن فرض العلماء في مثل هذا مختلف.
ولو كان مما قامت الحجةً بثبوته كان خاصًا عند الله سبحانه بغير شرط ولا تقييد وإضافة لخصوصه إلى حق أخر.