يقال لهم: لم قلتم ذلك وأن مقتضى العموم ثابت معلوم غير مظنون? فلا تجدون في ذلك متعلقًا، لأن العموم لو ثبت لكان إنما يثبت بأمر يقتضي غلبة الظن دون العلم، بل القول به باطل لا يجوز أن يعلم، ولا أن يصادف الظن له وخبر الواحد أقوى منه لأنه ثابت بإجماع الصحابة وإن لم يكن كذلك، الدليل على وجوب العمل بخبر الواحد في الأصل بدون الطريق الذي يثبت به القول بالعموم، فهما سيان.
ثم يقال لهم: اعلموا على أن ثبوت الحكم فيما دخل تحت العام ثابت معلوم إذا تجرد، فما الدليل على أنه معلوم أيضًا وإن عارفه خبر الواحد مع تجويز الكل لكون الخبر صدقًا. ولو وقطع على أن مع الخبر لقطع على أن الخبر كذب باطل، وذلك محال فوجب اختلاف حال اللفظ في العلم بموجبه مع تجرده ومع مقابلة الخبر لبعضه، وسقط ما قالوه.
ثم يقال لهم: فيجب لنفس اعتلالكم هذا منع إعمال خبر الواحد في ابتداء الفرائض وإشغال الذمم المعلوم سقوطها وبراءتها بالعقل، لأن حكم العقل معلوم، وصحة الخبر مظنون. فإن راموا فصلًا نقضوا اعتلالهم، وإن مروا على ذلك تركوا مذهبهم، ولا محيص من ذلك.
ثم يقال لهم: ليس وجوب العمل بخبر الواحد مظنون? بل هو معلوم بدليل قاطع من قرآن وإجماع الصحابةً على ما نبينه في باب القول في الأخبار. وإنما المظنون صدق الراوي، وليس علينا في اسم بصدقه تكليف. كما أنه ليس الحكم بالشهادةً مع ظاهر العدالةً مظنون، بل مقطوع به ومعلوم. وإنما المظنون صدق الشهود، وليس على الحاكم في ذلك تكليف. وإذا كان ذلك