هذه هي المجموعة الثانية من (نوادر المخطوطات) التي ألتمس من اللّه الأيد والعون على أن أمضى في إخراجها، مغتبطا بما ظفرت به وما أرجو أن أظفر به، من تقدير العلماء والأدباء لهذه الفكرة التي تحاول ملء فراغ كان يتخلل المكتبة العربية المنشورة.
وتلقيت رسائل من أطراف العالم العربي والإسلامي، فيها ثناء وفيها رغبات عاجلة، واقتراحات لنشر كتب ورسائل معينة، وسأتخذ من هذه الرغبات وهذه الإرشادات نبراسا لي فيما أنا آخذ بسبيله.
وتفضل زميلنا وصديقنا الأستاذ الناقد المحقق (الدكتور شوقى ضيف) فكتب في مجلة الثقافة (بالعدد ٦٣٤) مقالا نفيسا عرف فيه تعريفا صادقا ب (نوادر المخطوطات) وبرسائل المجموعة الأولى. وروى نصا نادرا عن ابن سعيد (في المغرب) في شأن أبى الصلت، أنه «كان قد خرج من إشبيلية، فصحب بالمهدية ملوكها الصنهاجيين وتوجه في رسالة إلى مصر فسجن بالقاهرة في خزانة البنود، وكان فيها خزائن من أصناف الكتب، فأقام بها نحو عشرين سنة، فخرج منها وقد برع في علوم كثيرة من حديثة وقديمة …
وإنما حبسه المصريون لأن صاحبه الذي أرسله وهو يحيى بن تميم بن المعز بن باديس - كان قد قطع هو وأبوه اسم الخليفة الفاطمي من الخطبة واستقلا عن مصر. فلم يكرم المصريون رسوله، بل حبسوه إهانة له وإزراء عليه».
وعقد كذلك موازنة بين ما ورد في كتاب «المردفات من قريش» وما ورد في كتاب «المحبر» لابن حبيب فيما يشبه هذا الموضوع.