للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣] [في معرفة أخلاق العبيد بقياس الفراسة على مذهب الفلاسفة]

ومنها تعرف أخلاق العبيد والإماء بقياس الفراسة، أحد وتسعون فصلاً. فمن ذلك أصول نقدمها قبل الكلام في الفراسة عددها أربعة، شرحها:

حد الخُلق. والخلق داعية للنفس للإنسان إلى أن يفعل أفعالاً بلا روية، فإن الجبان إذا فاجأه الصوت ارتاع بسرعة، والماجن يضحك من أيسر تعجب، والنذل (١) يرغب في أدنى قيمة، والحر بالضد. ولهذه الأخلاق دليل من الفراسة.

كيف تعلم القياس الصحيح في الفراسة، يجري بأن لا يتسرع الإنسان إلى الحكم في الفراسة من دليل واحد، ولكن يجمع منها ما أمكن ثم تكون قضيته بحسب ذلك. ومتى اجتمعت الدلائل المتضادّة حكم بأقواها ورجّح أظهرها، بعد أن تعلم أن دلائل الوجه والعين خاصة أقوى الدلائل وأصحها في الحد الذي ينتهي إليه العلم بقياس الفراسة، ويجري هكذا من الإنصاف أن تعلم أن قياس الفراسة مقدماته مأخوذة من مشابهات موجودة بين أشخاص الناس، أو من مشابهات موجودة بين الحيوان والإنسان. وسنورد على ذلك مثالاً من الشجاعة تراه مأخوذاً من صفات الأسد. فالاستدلال في الفراسة على أفعال الصور من لازم الهيولى، فإذا عرف القياس ذلك … د … قاس كالمطبوع (٢).

مثال من الشجاعة على قياس الفراسة، وهو أن يكون قوي الشعر خشنه،


(١) في الأصل وكذا في التحقيق ١٤٨: «الندل» بالدال المهملة. والنذل: الخسيس المحتقر في جميع أحواله.
(٢) كذا وردت هذه العبارة على ما بها من نقص بيض له في الأصل. وفي التحقيق ١٢ «فإذا عرف القائس ذلك قاس كالمطبوع».

<<  <  ج: ص:  >  >>