للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استقدامه إلى بغداد]

كان ذلك في سنة ١٨٨. ويسرد لنا إسحاق الموصلي ما كان من أمر استقدام أبى عبيدة من البصرة إلى بغداد فيقول (١):

أنشدت الفضل بن الربيع أبياتا كان الأصمعي أنشدنيها في صفة فرس له، وهي:

كأنّه في الجلّ وهو سام … مشتمل جاء من الحمّام

يسور بين السّرج واللجام … سور القطا خفّ إلى اليمام

قال: ودخل الأصمعي فسمعني أنشدها، فقال: هات بقيّتها. فقلت: ألم تقل إنه لم يبق منها شيء؟ فقال: ما بقي منها إلّا عيونها! ثم أنشد بعدها ثلاثين بيتا، فغاظنى فعله، فلما خرج عرّفت الفضل بن الربيع قلّة شكره لعارفة، وبخله بما عنده، ووصفت له فضل أبى عبيدة معمر بن المثنى وعلمه ونزاهته، وبذله ما عنده، واشتماله على جميع علوم العرب، ورغّبته فيه حتى أنفذ إليه مالا جليلا واستقدمه، فكنت سبب مجيئه إلى البصرة.

ويسرد لنا أبو عبيدة نفسه قصّة لقائه الأول للفضل بن الربيع فيقول:

أرسل إلىّ الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج إليه سنة ثمان وثمانين ومائة، فقدمت إلى بغداد واستأذنت عليه، فأذن لي فدخلت عليه وهو في مجلس له طويل عريض، فيه بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عالية لا يرتقى إليها إلّا على كرسىّ، وهو جالس عليها، فسلّمت عليه بالوزارة فردّ وضحك إلىّ واستدنانى حتى جلست إليه على فرشه، ثم سألني وألطفنى وباسطنى وقال:


(١) معجم الأدباء ١٩: ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>