للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّكر على خلاف ما كانا ينصرفان، فلما كانا في بعض الليل أحس حبيب ابن خالد بالأمر، لما رأى من شدة سكرهما، فنادى خالداً فلم يجبه، فقام إليه فحركه فسقط بعض جسده، وفعل بعمرو مثل ذلك، وكان حاله كحال خالد، فأصبح المنذر نادماً على قتلهما، فغدا عليه حبيب بن خالد فقال: أبيت اللعن، أسعدك الأهل، نديماك وخليلاك تتابعا (١) في ساعة واحدة. فقال له: يا حبيب أعلى الموت تستعدينى، وهل تراني إلا ميتاً (٢) وأخا ميت وأبا ميت؟ ثم أمر فحفر لهما قبران ودفنا فيهما، وبنى عليهما منارتين، وهما الغريان، وعقر على كل قبر خمسين فرساً وخمسين بعيراً، وغرّاهما بدمائهما، وجعل يوم نادمهما (٣) يوم نعيم، ويوم دفنهما يوم بؤس. وقال الشاعر (٤) فيهما:

ألا بكر النّاعى بخيريْ بني أسدْ … بعمرو بن مسعودٍ وبالسيِّد الصمدْ

يشقّ بصحراء الحبيل له الثَّرى … وما كنت أخشى أن يزار به بلدْ (٥)

ومنهم:

[خالد بن جعفر بن كلاب]

وكان وفد على الأسود بن المنذر الأكبر، ووفد الحارث بن ظالم المرى.

وقد كان خالد قتل زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي، وكان سيد غطفان،


(١) كذا بالباء في النسختين والخزانة، وأراها «تتايعا» بالياء، أي تساقطا.
(٢) في النسختين: «وهل ترى إلا أنى ميت».
(٣) كذا في ا والخزانة، وجعلها الشنقيطي: «ندامهما».
(٤) هي هند بنت معبد بن نضلة. معجم ما استعجم ٩٩٦. وانظر البيان ١: ١٠٨ وشروح سقط الزند ١٨١٦.
(٥) الحبيل، وردت بالحاء المهملة في النسختين. أخشى هنا بمعنى أعلم. قال:
ولقد خشيت بأن من تبع الهدى … سكن الجنان مع النبي محمد
أي علمت. والبلد: القبر. ويزار، هي في النسختين «يزاد». وفي القرآن الكريم:
«حتى زرتم المقابر»، أي متم. وفي البيان: «أن تناءى به البلد» أي تبعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>