أبا حذيفة قد أوتيت معجبةً … في خطبة بدهَتْ من غير تقدير
وإن قولاً يروق الخالَدينِ معا … لمسكت مخرِسٌ عن كل تحبير (١)
وقال بشار أيضاً:
تكلّفوا القول والأقوام قد حفلوا … وحبَّروا خطباً ناهيك من خطب
فقام مرتجلا تغلى بُداهته … كمِرجل القين لما حُفّ باللهب
وجانب الراء لم يشعر بها أحد … قبل التصفح والإغراق في الطلب
وقال أيضاً:
فهذا بديهٌ لا كتحبير قائل … إذا ما أراد القول زوّره شهراً
والشاعر الآخر المعاصر هو صفوان الأنصاري، يقول في كلمة له:
فسائل بعبد الله في يوم حفلهِ … وذاك مقام لا يشاهده وغدُ
أقام شبيباً وابن صفوان قبله … بقول خطيب لا يجانبه القصد
أقام ابن عيسى ثم قفّاه واصل … فأبدع قولاً ما له في الورى ندٌّ
فما نقصته الراء إذ كان قادراً … على تركها واللفظ مطرّد سَرْد
ففضّل عبد الله خطبهَ واصلٍ … وضوعف في قَسم الصلات له الشُّكْد
فأقنع كلَّ القوم شكر حبائهم … وقلل ذاك الضعف في عينه الزهدُ
[تاريخ الخطبة]
ويمكننا أن نعين تاريخ هذا الحفل الذي خطب فيه واصل أنه كان ما بين جمادى الآخرة من سنة ١٢٦ إلى سنة ١٢٩ كما يتضح من التحقيق الذي أشرت إليه في الحواشي قريباً، إذ أنه المدة المقدورة التي قضاها عبد اللّه بن عمر بن
(١) يعنى بالخالدين خالد بن صفوان وشبيب بن شيبة، كما في حواشي أبي ذر الخشني على البيان والتبيين، وهذا على ما يسمونه التغليب.