للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصا فرس جذيمة الأبرش (١)

قال المؤلف أطال الله بقاءه: ومع ما أوردته فيه من قول أصحاب السير وأشعار الشعراء فلا يحقق ذلك (٢) من مارس الحروب وعرف مكايدها، واتقاء الرجال التغرير، والتخوف من سوء عواقب الحيلة وضعف المكيدة. والحزم في الحرب أبلغ من الإقدام. وقد حاربت الفرنج في مواقف ومواطن لا أحصي عددها كثرة فما رأيتهم قط كسرونا فلجوا في طلبنا، ولا يزيدون خيلهم عن الخبب والنقل، خوفاً من مكيدة تتم عليهم. فكيف يحكم من في رأسه لب على نفسه حتى يدخل في غرارة مشدودة عليه (٣) أو في تابوت (٤)، وكيف يخفى الرجل إذا ربطت عليه غرارة.

وخطر لي أن قلت عند انتهائي إلى هذا الموضع أبياتاً أنا ذاكرها، وهي:

لو سرتَ في عرض البسيطة طالباً … رجلاً خبيراً بالحروب مجرَّبا (٥)

عانى الحروب مجاهراً ومخاتلاً … طفلاً إلى أن عاد همّاً أشيبا

قتل الأسودَ ونازل الأبطالَ في ال … هيجاء واقتاد الكمىّ المحربا (٦)


(١) وهي التي قيل فيها المثل: «إن العصا من العصية»، وجذيمة الأبرش هذا، هو جذيمة بن مالك الأزدي ملك الحيرة، وقد نجا قصير بن سعد اللخمي على فرسه هذه فأخذ بثأره وقتل الزباء، في حديث طويل. اللسان (عصا) والخيل لابن الكلبي ٣١ وحلية الفرسان نشرة الأستاذ محمد عبد الغنى حسن ١٥٩.
(٢) أي لا يعده حقا.
(٣) بشير إلى ما صنعه عمرو بن عدي بمشورة قصير، من حمله الرجال على الإبل في غرائر ليتمكنوا من دخول مدينة الزباء. انظر مجمع الأمثال في (خطب يسير في خطب كبير)، والأغانى ١٤: ٧١ ومروج الذهب ٢: ٩٦.
(٤) في الأصل: «وفي تابوت»، والوجه ما أثبت من خ.
(٥) هذه الأبيات مما لم يرو في ديوان أسامة.
(٦) قال أسامة بن منقذ: وقد شهدت قتال الأسد في مواقف لا أحصيها، وقتلت عدة منها لم يشركني أحد في قتلها، فما نالني من شيء منها أذى. الاعتبار ١٣٤٤ نشرة فيليب حتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>