للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس

في العلامات الدالة من جهة السمن والهزال، والطول والقصر وينبغي له أيضاً أن ينظر إلى جسمه، فإن وجده سميناًُ فلا يشتريه، لأن السمنة (١) رديئة جداً، لا سيما السمنة بالطبع، فإنها مستعدة لحدوث أمراض رديئة لأن الحرارة الغريزية تكون فيها ضعيفة لضيق عروقها، وضيق العروق فيها لشيئين: أحدهما برد المزاج. ثانيهما ضعف الأعضاء السمينة لها، فأصحابها لذلك أقل أعماراً، لأن ضيق العروق يتبعه ضعف الحرارة الغريزية ونقصانها، وهذان يتبعان نقصان الروح، وهم معرضون للسكتة والفالج وعسر النفس.

ومن أفرط سمنه وكان ممراضا، فهو على خطر. وإن وجده قضيفاً مهزولاً نحيفاً فلا يشتريه، لأن النحيف رديء لما يغلب على مزاجه من اليبس، فهو لا يقدر على الرياضة والأعمال الكثيرة، لأن ذلك مما يسخنه ويجففه فيزداد نحافة.

وصاحب النحافة لا يقدر على الحر والبرد، لأنهما يصلان إلى أعضائه الباطنة

بسرعة فيعرّيانها من اللحم … وإسهال النحيف خطر.

وإن وجده معتدلا ليس بالسمين ولا بالهزيل، فليشتره (٢) فإنه من أحسن العبيد بدناً، وأدومهم صحة، وأصبرهم على الأعمال، وأبعدهم عن الأمراض، لأن الحرارة الغريزية متوفرة فيه، والهضم جيد، والأعضاء قوية لذلك.

وإن وجده طويلا دلّ ذلك على غباوته وغفلته وقلة عقله. وإن وجده قصيرا دل ذلك على خبثه وخداعه ومكره.


(١) هذه الكلمة بمعنى السمن مما لم يذكر في المعاجم المتداولة. وقد وردت بهذا المعنى أيضا في شرح الحماسة للمرزوقى ١٢٦٢، ١٤٣٦.
(٢) كذا جاءت بالأصل. وإثبات حرف العلة مع الجازم لغة لبعض العرب، كقوله:
ألم يأتيك والأنباء تنمى … بما لاقت لبون بنى زياد

<<  <  ج: ص:  >  >>