للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم:

[أبو مسلم صاحب الدولة]

وكان أبو جعفر وجهه أبو العباس في ثلاثين من وجوه قريش والعرب إلى خراسان زائراً أبا مسلم، فرأى منهم استخفافاً احتقنها (١) أبو جعفر عليه، وكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه قبله. فكان أبو جعفر يقول لأبي العباس كثيراً: إنه لا ملك لك وأبو مسلم حيّ، فتغدَّه قبل أن يتعشى بك! وكان أبو العباس يأبى ذلك لقدره في أهل خراسان.

فلما أفضى الأمر إلى أبي جعفر وكان أبو مسلم حاجا فقدم ووجهه أبو جعفر فحارب عبد الله بن علي واستباح عسكره، ثم وجه أبو جعفر إلى أبي مسلم يقطين ابن موسى لقبض ما صار في يد أبي مسلم من عسكر عبد الله، فغضب أبو مسلم وقال: لا يوثق بي في هذا القدر! وشتم شتماً قبيحاً، ومضى من الأنبار يريد خراسان مخالفاً، ومضى أبو جعفر إلى المدائن فنزل الرومية (٢). وقد كان قيل لأبي مسلم: إنك تقتل بالروم (٣). فوجه أبو جعفر إلى أبي مسلم جرير بن يزيد ابن جرير بن عبد الله البجلي، وكان أرجل أهل زمانه (٤). وكتب معه فلم يلتفت إلى كتابه فلم يزل جريرٌ يفتل أبا مسلم في الذروة والغارب حتى أقبل إلى أبي جعفر، فلما قدم عليه أمر القواد والناس أن يتلقوه، ثم أذن له فدخل على دابته وعانقه وأكرمه وقال: كدت تخرج قبل أن أفضى إليك ما أريد. قال:


(١) لعلها «فرأى منه استخفافا وأشياء احتقنها». وانظر ما سبق في مقتل سالم بن دارة ص ١٥٧ س ٩.
(٢) الرومية هذه هي رومية المدائن. انظر ياقوت.
(٣) الطبري: «وكان أبو مسلم يقول: واللّه لأقتلن بالروم. وكان المنجمون يقولون ذلك».
(٤) الطبري ٩: ١٦٢: «وكان واحد أهل زمانه». فلعل ما هنا «أوحد».

<<  <  ج: ص:  >  >>