للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عيد النيروز]

وكان للفرس في قديم الدهر أعياد كثيرة، أشهرها سبعة (١): عيد النيروز، وعيد المهرجان، وعيد السذق، وعيد التّيركان، والفروردجان (٢)، وركوب الكوسج، وبهمنجه. وقد صنف فيها علي بن حمزة الأصفهاني كتابا مستقلا.

أما النيروز فهو أعظم أعيادهم وأجلها، يقال إن أول من اتخذه جمشيد، أحد ملوك الفرس الأول، ويقال فيه جمشاد. ومعنى «جم» القمر، و «شاد» الشعاع والضياء.

واختلف المؤرخون في سبب اتخاذهم لهذا العيد، فيقال إنه لما ولى جمشاد، سمى اليوم الذي ملك فيه نوروز. وقيل إن الصابئة ظهرت في أيام طهمورث، فلما ملك جمشيد جدد الدين، فجعل يوم ملكه عيدا.

ومن الفرس من يزعم أن النيروز اليوم الذي خلق اللّه فيه النور. ومنهم من يزعم أنه أول الزمان الذي ابتدأ فيه الفلك بالدوران (٣).

وذكر الراغب (٤) في أصل النيروز والمهرجان أن المأمون سأل أصحابه عن ذلك فلم يخبره أحد، فقال: الأصل في النيروز أن أبرويز عمّر أقاليم إيران شهر، فاستوت له أسبابه واستقام ملكه يوم النيروز، فصار سنة للعجم، وكان ملكه ألفا وخمسين سنة (كذا). ثم أتى بعده بيوراسف وملك ألف سنة، فقصد أفريدون وأسره بأرض المغرب، وسجنه بأرض بجبل دنباوند، فسمى ذلك اليوم مهرجان.

فالنيروز أقدم من المهرجان بألفين وخمسين سنة.

وقال بعض الحشوية (٥): إن سليمان بن داود عليهما السلام، لما افتقد خاتمه وذهب عنه ملكه ثم رد إليه بعد أربعين يوما، عاد إليه بهاؤه، وأتته الملوك، وعكفت عليه الطيور، فقالت الفرس: نوروز آمذ! أي جاء اليوم الجديد، فسمى النوروز. وأمر سليمان الريح فحملته، واستقبله خطاف فقال: أيها الملك، إن لي


(١) صبح الأعشى ٢: ٤١٧ - ٤٢٥، ونهاية الأرب ١: ١٨٥.
(٢) في صبح الأعشى: «الشركان والفرودجان»، صوابه من معجم استينجاس.
(٣) الآثار الباقية ٢١٦ ونهاية الأرب ١: ١٨٥.
(٤) محاضرات الأدباء ٢: ٢٥٢ - ٢٥٣.
(٥) الآثار الباقية ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>