للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عالما بالمنطق والحكمة والطب، وفيه يقول ابن بطلان (١): «وشيخنا أبو الفرج عبد اللّه بن الطيب بقي عشرين سنة في تفسير ما بعد الطبيعة، ومرض من الفكر فيه مرضة كاد يلفظ نفسه فيها». وكان أبو الفرج يجل تلميذه ابن بطلان ويعظمه، وبقدمه على تلاميذه ويكرمه (٢).

ولازم أيضا أبا الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني الصابى المتوفى سنة ٣٦٩ وهو عم أبي إسحاق الصابى، وكان من أكبر الأطباء الحاذقين في بغداد فانتفع به ابن بطلان في صناعة الطب، وفي مزاولة أعمالها. وكانت صناعة الطب هي المهنة التي كان يرتزق منها ابن بطلان.

وعاش ابن بطلان حياته للعلم لم يتخذ امرأة ولا خلف ولدا. وفي ذلك يقول:

ولا أحد إن مت يبكى لميتتى … سوى مجلسي في الطب والكتب باكيا

[رحلة ابن بطلان للقاء ابن رضوان]

كان ابن بطلان معاصرا لعلي بن رضوان الطبيب المصري، وكان بينهما - كما يقول ابن أبي أصيبعة - مراسلات عجيبة وكتب بديعة غريبة، ولم يكن أحد منهما يؤلف كتابا ولا يبتدع رأيا إلا ويرد عليه الآخر ويسفه رأيه. قال: وقد رأيت أشياء من المراسلات التي كانت فيما بينهم ووقائع بعضهم في بعض.

فصح عزم ابن بطلان في مستهل رمضان سنة ٤٤٠ أن يخرج إلى لقائه في مصر، استجابة لما أملته عليه المنافسة، فخرج عن بغداد إلى الجزيرة والموصل وديار بكر، ودخل (حلب) وأقام بها مدة أحسن إليه فيها معز الدولة ثمال بن صالح وأكرمه إكراما كبيرا.

ويروى لنا القفطي حياته في حلب، أنه لما دخل إليها تقدم عند المستولى عليها وسأله رد أمر النصارى في عبادتهم إليه، فولاه ذلك وأخذ في إقامة القوانين


(١) القفطي في إخبار العلماء ١٥١، ١٩٨.
(٢) القفطي ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>