«تهامة» كلمة يختلف مدلولها اختلافا شديدا، فهي تمتد طولا ما بين عدن إلى تخوم الشام مسايرة شاطئ البحر، وهي تنكمش أحيانا من الشمال أو من الجنوب، ويختلف علماء البلدان الأقدمون في ذلك. ولعل أصدق دليل على هذا ما ذكره عرام في صدر كتابه هذا، أن أول جبال تهامة هو «رضوى»، وهو من ينبع على يوم.
ويبدو أن ذلك الانبساط والانكماش جاء في مختلف العصور نتيجة للسلطان السياسي أو القبلي الذي كان يسود تلك المنطقة أو يتقلص عنها.
على أن اللغة تعيننا عونا تاما في هذه القضية، إذ أن اشتقاق تهامة من «التهم»، وهو تغير الريح وركودها وشدة الحر. فالامتداد الساحلى من جنوب اليمن إلى تخوم الشام هو الذي تصدق عليه هذه التسمية.
وإن الراجع إلى أقوال العلماء القدماء ليفهم أن تقسيم الجزيرة العربية يخضع إلى حدّ ما للحجاز، وهو الجبل الممتد الذي حجز بين شطرين جغرافيين متباينين من الجزيرة، أحدهما مرتفع وهو نجد، والآخر منخفض عنه غائر وهو غور تهامة. وسراة هذا الجبل، أي أعاليه، هي ما يسمى بالسراة، ممتدة ما بين أقصى اليمن وأدنى الشام.
فبالطبيعة الجغرافية تكون تهامة هي الغور الضيق الذي يساير بحر القلزم،
(١) أظهرت هذه النشرة في كتاب مستقل في تاريخ غرة جمادى الثانية سنة ١٣٧٢.