للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقصّ عليهم جساس ما كانوا فيه من البلاء، وما صاروا إليه من العافية، ثم قال: وهذا ابن أختي قد جاء ليدخل فيما دخلتم فيه، ويعقد ما عقدتم. فلما قربوا الدم وقاموا إلى العقد أخذ الهجرس بوسط رمحه ثم قال: «وفرسي وأذنيه، ورمحى ونصليه، وسيفي وغربيه، لا يترك الرجل قاتل أبيه وهو ينظر إليه!».

ثم طعن جساسا فقتله ولحق بقومه، فكان آخر قتيل في بكر بن وائل.

ومنهم:

عمرو وإخوته، بنو الزبان الذهلي

وكان سبب ذلك أن كثيف بن التغلبي انهزم في بعض أيام بكر وتغلب، فألظ به (١) مالك بن كومه (٢) الشيباني، وكان مالك رجلاً نحيفاً، وكان كثيف رجلاً أيداً، فلما لحقه ابن كومة اقتحم عن فرسه (٣) لينزل إليه مالك فيقهره بفضل قوته وبدنه، فأوجره مالك الرمح وقال: والله لتستأسرن أو لأنفذنك به! فاستأسر، ولحقه عمرو بن الزبان (٤) فقال: أسيري! وقال مالك: أسيري! فقالا لكثيف: لقد حكمناك (٥) في نفسك. فقال كثيف: لولا مالك لألفيت في أهلي! فغضب عمرو بن الزبان، فلطم خد كثيف، فقال مالك: تلطم خد أسيري يا كثيف؛ فإني قد جعلت فداءك لك بلطمة عمرو خدك. وأطلقه. فحرم كثيف النساء والخمر حتى يثأر من عمرو لطمته، فوضع عليه العيون، فأتاه رجل من غفيلة بن قاسط، فقال: ألا أدلك على بني الزبان، فقد نتجوا ناقة حواراً واشتووه وهم يأكلون، وكانت ندت لهم إبل فخرجوا في طلبها فردّوها. فقام كثيف


(١) ألظ به: ألح عليه. في النسختين: «فألط به».
(٢) في النسختين: «كمومة» في هذا الموضع فقط.
(٣) جعلها الشنقيطي «عنق فرسه».
(٤) في القاموس (دهم): «الريان».
(٥) ب: «حكمناك».

<<  <  ج: ص:  >  >>