وهذا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد الأزدي البصري النحوي الأديب الأخبارى، صاحب «الكامل» الذي يقول فيه ابن خلدون: «وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول فن الأدب وأركانه أربعة: وهي كتاب الكامل للمبرد، وأدب الكاتب لابن قتيبة، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبى على القالى البغدادي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها».
وكان الناس بالبصرة يقولون:«ما رأى المبرد مثل نفسه». ولما صنف أستاذه المازني كتاب الألف واللام سأل المبرد عن دقيقه وعويصه فأجاب بأحسن جواب، فقال له: قم فأنت المبرد، بكسر الراء، أي المثبت للحق، فغيره الكوفيون وفتحوا الراء.
وقد دلني على كتابه هذا الصديق الكريم الأستاذ محمد بن تاويت الطنجي، فأسجل له هنا صادق الشكر.
وهذا الكتاب يشبه الكتاب السابق في موضوعه، إذ هو في الأمثال الشعرية، وإن اختلف الأسلوبان والمنهجان، فإن أبا العباس لم يذكر هنا مضارب الأمثال كما ذكرها ابن فارس، ولم يذكر من الأبيات إلا أعجازها المغنية عن صدورها، وليس هذا الأمر بالهين في التأليف، ومع أن أبا العباس قد ذكر نسبة معظم هذه الأعجاز فإنه اقتضانا البحث عن صدور هذه الأعجاز عند التحقيق.
وأصل هذا الكتاب مخطوطة في دار الكتب الأزهرية برقم ٧٣٢٣ أباظة.
وهو في مجموعة تشمل بعض الكتب النفيسة، منها قواعد الشعر لثعلب، وفحولة الشعراء للأصمعى، وشجر الدر في متداخل اللغة لأبى الطيب اللغوي.