للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا مرض وعاده عواده، أنشد:

وهل هي إلا علّةٌ بعد علّةٍ … إلى العلة الكبرى وتلك هي التي

وإذا رأى رجالاً لا حمية ولا منعة فيهم، أنشد:

إذا ما عدّ مثلكم رجال … فما فضلُ الرَّجالِ على النساءِ

وإذا اشتكى إليه إنسان إقلالاً [أنشد]:

إذا شئتَ أن تحيا غنيَّاً فلا تكن … بمنزلة إلا رضيتَ بدونها

وإذا رأى ذا ضغن صاحب آخر، أنشد:

إذا أنت لم تسقم وصاحبت مسقما … وكنت له خدناً فأنت سقيمُ

وإذا دخل عليه ثقيل، أنشد:

أيا جبليْ نعمانَ باللهِ خلِّيا … نسيمَ الصَّبا يخلصْ إلىّ نسيمها (١)

وإذا جاد عليه بنزر يسير، أنشد:

تؤتيك نزراً قليلا وهي خائفة … كما يخاف مسيسَ الحيَّةِ الفرق (٢)

وهذه جمعية لم أظفر بمثلها، فرحم الله من فهمها وحفظها، وأورد كل بيت في محلّه، ليجلّ عند خلّه.


(١) البيت لمجنون ليلى، في الأغانى ١: ١٧٠/ ٥: ٣٤ وحماسة ابن الشجري ١٦٨، وهو في أمالي القالى ٢: ١٨١ يدون نسبة. وفي الأغانى - ونحوه في حماسة ابن الشجري: أن أهل المجنون خرجوا به معهم إلى وادى القرى قبل توحشه ليمتاروا خوفا عليه أن يضيع ويهلك فمروا في طريقهم بجبلى نعمان، فقال له بعض فتيان الحي: هذان جبلا نعمان. وقد كانت ليلى تنزل بهما. قال: فأي الرياح يأتي من ناحيتهما؟ قالوا: الصبا. قال: فو اللّه لا أريم هذا الموضع حتى تهب الصبا. فأقام ومضوا فامتاروا لأنفسهم ثم أتوا عليه فأقاموا معه ثلاثة حتى هبت الصبا ثم انطلق معهم. ففي ذلك يقول:
أيا جبليْ نعمانَ باللهِ خلِّيا … نسيمَ الصَّبا يخلص إلى نسيمها
أجد بردها أو تشف منى حرارة … على كبد لم يبق إلا صميمها
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت … على نفس محزون تجلت همومها
(٢) البيت لابن هرمة. المختار من شعر بشار ٩٦. وصدره فيه: «تبدى بذاك سرورا وهي مشفقة كما يهاب». في الأصل: «وهي جائعة»، صوابه ما أثبت. المسيس: المس. والفرق:
الخائف الفزع.

<<  <  ج: ص:  >  >>