للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس تشتمل أرض مصر بعد الفسطاط الذي هو مقر الملك وكرسي الدولة، على مدائن لها قدر في كثرتها ولا فخامتها، لكن أجل مدائنها وأفخرها أما في الجهة الشمالية من الفسطاط فالاسكندرية وتنيس ودمياط، وأما في الجهة الجنوبية إلى أقصى الصعيد فقوص وقفط. فهذه صفة أرض مصر على الجملة.

(١) وأما النيل فينبوعه من وراء خط الاستواء، من جبل هناك يعرف بجبل القمر، فإنه يبتدئ بالتزيد في شهر أبيب (٢)، الذي هو بالرومية يولية (٣).

والمصريون يقولون: «إذا دخل أبيب، كان للماء دبيب». وعند ابتدائه في التزيد (٤) تتغير جميع كيفياته وتفسد، والسبب الموجب لذلك مروره بنقائع مياه آجنة (٥) يخالطها فيجتلبها، ويستخرجها معه ويستصحبها، إلى غير ذلك مما يحتمل (٦). فتصير مثل الحال التي وصفه بها الأمير تميم بن المعز لدين الله:

أما ترى الرعد بكى فاشتكى … والبرق قد أومض فاستضحكا (٧)

فاشرب على غيم كصبغ الدجى … أضحك وجه الأرض لما بكى (٨)

[وقد حكى العود أنين الهوى … لكنّه جوّد فيما حكى] (٩)


(١) من هنا يبتدئ نقل آخر للمقريزي في (١: ٥٩).
(٢) في الخطط: «التزايد». والتزيد والتزايد بمعنى.
(٣) ما بعد «أبيب» ليس في الخطط. وفي الأصل: «قوليه».
(٤) في الخطط: «التزايد».
(٥) في الأصل: «بنقاء مع مياه آجنة»، والصواب في الخطط.
(٦) الكلام والشعر بعد هذا لم يورده المقريزي.
(٧) في الأصل: «الجو من إظلامه قد اشتكى»، ولا يستقيم به الوزن، إذ هو من السريع.
وأثبت ما في ديوان تميم الورقة (١٢٠) من مصورة دار الكتب ذات الرقم (١٦٠٢٥ ز)، وهذه الرواية هي التي ذكرها الثعالبي في يتيمة الدهر (١: ٣٤٩) الطبعة الأولى.
(٨) في الأصل: «يشبه التحقيق كصبح» تحريف، وأثبت ما في الديوان ويتيمة الدهر.
(٩) إثبات هذا البيت من ديوان تميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>