للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علي بن مقلد رحمه الله، يخاطب بعض ولاة حلب:

خيّمت في حلب العواصم بعد ما … قلّدتَ خوفك نازحَ الأقطارِ

لا ترضها دار الثَّواء ولا تقلْ … في مثلها تلقى عصا التَّسيارِ

استحي من أجداث قومك أن ترى … عرض البسيطة وهي دارُ قرارِ

قال المؤلف أطال الله بقاءه: حدثني من أثق به في شوال سنة سبع وستين (١) وخمسمائة بحصن كيفا (٢) قال: كان في خدمة الأمير نجم الدولة مالك بن سالم صاحب قلعة جعبر (٣) رجل عواد يقال له أبو الفرج حدثني قال: كنت يوماً في مجلس الأمير نجم الدولة وهو يشرب إلى [أن (٤)] سكر، وانصرفت إلى منزلي، فما كان أكثر من مضي ساعتين من الليل إذ وافاني رسوله فقال: الأمير يستدعيك.

فقلت: ما نزلت حتى سكر! قال: هو أمرني بإحضارك. فمضيت معه فرأيت الأمير جالسا، فقال: يا أبا الفرج، بعد انصرافكم نمت فرأيت إنساناً يغنيني صوتاً حفظته ثم أنسيته، وأريد أن تذكره لي. فقلت: يا مولاي، اذكر لي منه كلمة. فقال: ما أذكر منه شيئاً ولكن اعرض علي ما يحضرك. فعرضت عليه أصواتاً كثيرة وهو يقول: ما هذا الصوت الذي أربته (٥)! ثم قال: انصرف وأفكر لعلك تذكره. فانصرفت وأصبحت من بكرة طلعت إلى خدمته فقال:

يا أبا الفرج، أي شيء كان من الصوت؟ قلت: يا مولاي، لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى. قال: والله لئن لم تذكره لأخرجنك من القلعة. فقلت:

والله يا مولاي ما أدري، ما أذكر (٦) من صوت ما سمعته ولا ذكرت لي منه كلمة واحدة؟! فقال خذوه وأخرجوه. فأخرجوني إلى «البليل (٧)» فأقمت فيه يوما


(١) هذا ما في خ. وفي الأصل: «تسع وستين».
(٢) مدينة وقلعة عظيمة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر.
(٣) قلعة جعبر، على الفرات مقابل صفين التي كانت بها الوقعة. وكانت تعرف أولا بدوسر، فتملكها رجل من بنى نمير يقال له جعبر بن مالك، فغلب عليها فسميت به.
(٤) التكملة في خ.
(٥) هذا ما في خ. وفي الأصل: «رأيته».
(٦) في الأصل: ما أذكره»، صوابه في خ.
(٧) في الأصل: «البلبل» صوابه في خ. وفي القاموس أن البليل كزبير شريعة صفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>