ومهما يكن فإن هذه الكلمة سامية الأصل، ومأخذها إما أن يكون من العبرية، وإما أن يكون من السريانية. وذهب معاصرنا اللغوي الفاضل (الأب مر مرجى الدومنكى) أن أصلها الأول من العربية نفسها (١) وذلك بناء على القاعدة التي ينصرها، وهي قاعدة (الثنائية) التي ترجع أصول الكلمات إلى أصل ثنائى تتفرع منه الثلاثيات فما فوقها، فهو يقول إن الأصل الثنائي للكلمة موجود في العربية وهو «لد» الدالّ على الشدة، ومنه اشتق «لدم» الدال على الضرب، ثم قلب إلى «لمد» بمعناه، ثم اشتق منه التلميذ.
وأنا أرى أن هذه المحاولة البارعة يمكن إجراؤها في كثير من الكلمات المعربة.
فنستطيع أن نرد كثيرا من الكلمات المعربة والدخيلة إلى أصل عربى، وهو لا يستقيم.
وقد تضمن مقاله النفيس، مقارنة ممتعة بين اللغات السامية في مادة هذه الكلمة.
(في السريانية): «لمد»: جمع، ضم، أضاف. «تلميذ»: هذّب، علم، أرشد. «تلميذا»: طالب علم، متعلم.
(في الأرمية): «تلميذا» طالب علم.
(في المندائية): «ترميدا»: تلميذ.
(في العبرية)«لامد»: ضرب بالسياط، عاقب، روّض. «ملميد»:
مهماز يضرب به للترويض، خاصة للحيوانات. «تلمود»: تعليم، نظرية.
«تلميد»: متعلم، دارس.
(في الحبشية): «لمد»: تعود، آلف، واظب. «لمود»: متعوّد، أليف. «لماد» عادة، طبع. «تلميذ» طالب علم، دارس.
(في الأكدية): «لمادو»: تعلّم، عرف. «لمادوتو»: تعلّم، عرفان.
«ملمّدو»: معلم، أستاذ. «تلميدو»: دارس، طالب علم.
(١) مجلة الثقافة العدد ٦٤٢ إبرايل سنة ١٩٥١. والمقال كتب بمناسبة مقال قبله للأستاذ الجليل أحمد عبد الغفور عطار، عنوانه (التلميذ في لغة العرب) نشر في مجلة الثقافة العدد ٦٣٤ فبراير سنة ١٩٥١.