للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأيته أيضا في شعر أمية بن أبي الصلت، وهو شاعر أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوفق للإيمان به. وغالب شعره في الوعظ وتذكير الآخرة وقصص الأنبياء، وهو مما لا يكاد يقضى العجب منه. قال في قصيدة:

والأرض معقلنا وكانت أمَّنا … فيها مقامتنا وفيها نولدُ

وبها تلاميذ على قذفاتها … حبسوا قياماً فالفرائص ترعد (١)

قال شارح ديوانه: «التلاميذ الخدم، يعني الملائكة».

وقال أيضا في قصيدة أخرى:

صاغ السماءَ فلم يخفض مواضعها … لم ينتقص علمهَ جهلٌ ولا هرمُ

لا كشِّفت مرةً عنَّا ولا بليت … فيها تلاميذ في أقفائهم دغمُ (٢)

وقال شارحه هنا أيضا كذلك.

ورأيت في المقامة الأولى من المقامات الحريرية قوله: «فوجدته محاذيا لتلميذ، على خبز سميذ، وجدى حنيذ، وقبالتهما خابية نبيذ (٣)». قال شارحه الشريشى: «التلميذ متعلم الصنعة، والتلميذ الخادم، والجميع التلاميذ». وأنشد بيت لبيد المتقدم، ثم قال: «وطلبة العلم تلاميذ شيخهم» اه.

وإهمال داله لغة فيه، قال أمية بن أبي الصلت في القصيدة الدالية التي تقدم إنشاد بيتين منها:

فمضى وأصعد واستبدَّ إقامةً … بأولىِ قوى فمبتَّل ومتلمدُ

قال شارحه: «يريد متلمذ، أي خادم من التلاميذ. وتلمذ: جعل للخدمة.

«متلمذ» بكسر الميم. وأراد بأولى قوي: الملائكة الذين يحملون العرش. وقوله:

«فمضى» يعني الله عز وجل. واستبد، يعني لا يستشير أحدا، يقال استبدّ


(١) القذفات بضم الذل وفتحها: جمع قذفة، بالضم، وهي الناحية. وقذفات الجبال وقذفها:
ما أشرف منها.
(٢) الدغم: السواد.
(٣) هذا سهو من البغدادي، فإن الشريشى في هذا الموضع لم يقل إلا: «تلميذ، متعلم الصنعة». انظر الشريشى ١: ٢٩ س ١. وأما الكلام الذي نقله البغدادي بعد فهو تعليق على قول ابن الحريري: فالتفت إلى تلميذه وقلت عزمت عليك بمن تستدفع به الأذى، لتخبرني من ذا». انظر الشريشى ١: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>