للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرهم أنه كان فيهم طائفة من ذوي المعارف والعلوم، خصوصاً بعلم الهندسة والنجوم (١). ويدل على ذلك ما خلفوه من الأشغال (٢) البديعة المعجزة، كالأهرام والبرابي، فإنها من الآثار التي حيرت الأذهان (٣) [الثاقبة، واستعجزت الأفكار الراجحة]، وتركت لها شغلاً بالتعجب منها، والتفكر فيها. وفي مثلها يقول أبو العلاء أحمد بن سليمان المعري في قصيدته التي يرثي بها أباه (٤):

تضلّ العقول الهبر زيّات رشدها … ولا يسلم الرأي القويم من الأفن

وقد كان أرباب الفصاحة كلما … رأوا حسناً عدّوه من صنعة الجن

وأي شيء أعجب وأغرب بعد مقدورات الله ومصنوعاته، من القدرة على بناء جسم [جسيم (٥)] من أعظم الحجارة، مربع القاعدة مخروط الشكل، ارتفاع عموده ثلاثمائة ذراع ونحو سبعة عشر ذراعاً (٦) يحيط به أربعة سطوح مثلثات متساويات الأضلاع، طول كل ضلع منها أربعمائة ذراع وستون ذراعاً (٧) وهو مع هذا العظم (٨)، من إحكام الصنعة وإتقانها (٩)، في غاية من حسن التقدير بحيث لم يتأثر (١٠) إلى هلم جرا (١١) بعصف الرياح وهطل السحاب،


(١) في الخطط (١: ١١٨): «وخصوصا علم الهندسة والنجوم».
(٢) في الخطط: «من الصنائع».
(٣) في الأصل: «الآثار البعيدة من الأذهان»، صوابه من الخطط.
(٤) في سقط الزند (١: ١٩٦) بشرح التنوير.
(٥) هذه من الخطط.
(٦) في الخطط: «تسعة عشر ذراعا». والذراع يذكر ويؤنث.
(٧) في النجوم الزاهرة (١: ٩٨) نقلا عن أبي الصلت: «وسبعون ذراعا».
(٨) في الأصل: «مع هذا الطول منه» وكتب إزاءه: «في العظم» بدلا من «الطول منه». وأثبت ما في الخطط.
(٩) بدله في الخطط: «وإتقان الهندام».
(١٠) في الأصل: «وهو لا يتأثر»، وأثبت ما في الخطط.
(١١) كذا ورد في الأصل والخطط. ولعلها: «إلى اليوم وهلم جرا».

<<  <  ج: ص:  >  >>