للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما لكم، والذي كثّر آلكم، وأنتم أعجز الأمم بعولا، وأجفرها فحولا، وأثقلها ظهراً مرحولا، ومنكم الأسقف والنطران، والبطرك والمطران (١)، وفيكم الجب والخصاء، والعدّ في وذعة المساس والإحصاء (٢)، إلى أفراد رئيسكم ورهبانية شماسكم وقسيسكم، وأنتم مع ذلك أكثر أهل الكتاب عدداً، وابق نسائهم ولداً (٣)، ما ذاك إلا أن ضربت فيكم الأكراد والأنباط، والحبشة والأقباط، فمنكم الصّفر والسّمر، والغثر البرش الحمر، يظّاهرون بمقرفيهم لا منجبيهم، والأم تضحك منهم لعلمها بأبيهم:

ألا أنها تسرى إذا نام أهلها … فتأتي بشئ ليس في الظن يخطر

وما فخرت به يا حمار، يا ميراث أنمار، من حملة الأسترلوميقي، والعلم بالأرتماطيقي والألوطيقي (٤)، كفخر الأمة بحدج ربتها. ذلك لمستنبطي يونان وساسان، وكينية بابل وكلذان وكاسان، أصحاب العلوم الأرضية، والتعاليم الرياضية، من الطبقة الفيثاغورية، والفلاسفة الهرمسية. معالم عفّت ملوككم آثارها، وطمست أنوارها، بغواية قسطنطينكم، وغباوة المفلق لدينكم، ابن الهلانية (٥)، وقيم الملة الطبانية:

حبوت النصارى بها معلناً … لها غير كاتم أسرارها

ولم أدر أنك من قبلها … تحب السّياط بأثمارها (٦)


(١) البطرك والبطريرك، هو بالرومية «بطريركس» تفسيره رئيس الآباء، فخفف.
التنبيه والإشراف ١٢٣.
(٢) المراد بالمساس المباضعة. ويقال وذع الماء يذع، إذا سال.
(٣) بقت المرأة: كثر ولدها.
(٤) انظر ما سبق في ص ٢٥١.
(٥) يعنى قسطنطين بن هيلانى. قال المسعودي: «وهو أظهر دين النصرانية وحارب عليها حتى قلت وانتشرت في البلاد». التنبيه والإشراف ١١٩. وانظر الفصل (٢: ٧٣).
(٦) ثمرة السوط: عقدة طرفه. وذكر الثعالبي في الكنايات ١٨ أن ثمرة السوط يكنى بها عن القلفة. وأنشد لدعبل:
إلى عليجين لم تقطع ثمارهما … قد طال ما سجدا للشمس والنار
أراد: أنهما لم يختنا. وانظر للكلام على هذه الكناية النادرة حواشي البيان (٣:
٢٢٨ - ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>