للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما دب إلا في بيوتهم الندى … ولم ثرب إلا في حجورهم الحرب

دنتم بالراح، ودنا بدرّات اللّقاح، فشتّان بين محظور ومباح (١). ما ذا الإيغال، في أبي رغال، وقد غاله من الإله ما غال، حين دل على بيت الله أغربة الأحابش. كما دلت على أهلها براقش، فهلك وهلكوا، وحدا بهم حادي الردى أية سلكوا. وضح، صرح، لم تعرق فينا سحمة الحبشان، فجئنا صفر الألوان، ذوي نطف أمشاج (٢)، بين الزنوج والأعلاج. أشهد أن الساسانية، العديمة الإنسانية، نكحت أمهاتها وبناتها، وتشبهت بالبهائم في شهواتها، ألا زجرهم عنه معقول، أو دين عن الأمم منقول، ذهبوا والله من العار بثمه ورمه (٣)، وفحل السوء يبدأ بأمه. أفخراً بالحنيذ، والنبيذ، هلا بقرى الضيوف والسنون غبر، وعزة الجار والأسنة حمر، وكرم الوفاء إذا استؤثر بالغدر، وكتم السر حين تجيش مراجل الصدر:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي (٤)

أيها الزاري علينا بشأن، أبى غبشان، وما ذا على رجل تخوف فصرف على أربابها السدانة، ووفى فأدى إلى أهلها الأمانة، دون خدعة ولا خلاب، وجرى المذكيات غلاب (٥)، نجح، رجح، لا تطيش بهم الأحلام، ولا تساجلهم الأيام. فمه أيها المتعاطي لما لا يدرك، المتشبع بما لا يملك، المتبجح في دعواه، كالخصي يفخر بمتاع بمولاه. إنّ حظّكم من الأسترلوميقى (٦) والأرتماطيقى،


(١) في الأصل: «مجذور»، وهو تحريف سمعي.
(٢) أمشاج: مختلطة. وفي الأصل: «ذو نطف».
(٣) أي بقليله وكثيره. انظر ما سبق ص ٢٦٥ س ٢.
(٤) للحطيئة يهجو الزبرقان. ديوانه ٥٤.
(٥) المذكى من الخيل: المسن، والغلاب: المغالبة. والمثل يضرب لمن يوصف بالتبريز على أقرانه في حلبة الفضل.
(٦) انظر لهذا وما بعده ما سبق في ص ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>