للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حوككم البرود، فناهيك من الغفارة الإفرنجية (١) إلى الديباجة الرومية، والنسبتان، بذلك تشهدان.

وأما فخرك بربّة الإياة فيا ليتها حين ولدتكم ثكلتكم، فلقد سربلتموها عارا مجدّدا، وعصبتم بها شنارا مخلداً، حين خمتم عن الكفاح، حذر الصوارم والرماح، فأسلمتم لعداتها، من بناتها، كل طفلة رداح (٢)، جائلة الوشاح، ذات ثغر كالأقاح، وغرة كالصباح، أعجلن عن لوث أزرهن، واعتجار خمرهن، فعوضن من الإدلال بالإذلال، ومن الحجال بالرجال:

خلف العضاريط لا يوقين فاحشة … مستمسكات بأقتاب وأكوار (٣)

وعيرت العرب بالاغتذاء بالحيات، لتعذيكم بالدماء والميتات، فيمتاز الضد، ويقع الحد، بين من تناهت جرأته، وماتت همته. على أن لا افتخار في مشرب ولا مطعم، لعرب ولا لعجم. وكذلك ما عيرتهم به من حرق الجلة والبعر، غروا بإضرام النيران، لإكرام الضيفان، وإطعام المقرور الجوعان، إلى أن عدموا الأرطى والغضى، وموجود السّمر، وسائر أنواع الشّجر، فلجئوا إلى الجلة والبعر.

وكذلك وصفك قومك بأن «ليسوا حفرة أكر، ولا حفزة عكر»، اللّه أجلّ الأكر أن يحفروها، والعكر أن يحفزوها، لكنهم حفزة جحشان وحفرة كهوف وغيران، اتخذوها مخبأ عن قبائل العربان (٤)، وملجأ من وقع


(١) الغفارة: مثل القلنسوة يلقيها الرجل على رأسه فتبلغ الدرع ثم يلبس البيضة فوقها، وربما جعلت من ديباج وخز أسفل البيضة. والإفرنجة، قال ياقوت: «هم في شمالي الأندلس نحو الشرق إلى رومية». وانظر الفهرست ٣٠، ٣٤ ومروج الذهب ٢: ٣٤ والقاموس.
(٢) الطفلة، بالفتح: المرأة الرخصة الناعمة. والرداح: العجزاء الثقيلة الأوراك التامة الخلق.
(٣) للنابغة الذبياني في ديوانه ٤٢. العضاريط: الأتباع والأجراء.
(٤) الذخيرة: «عن حبائل».

<<  <  ج: ص:  >  >>