الصعاب، وأنا فيما بين ذلك أستلهم اللّه العون والتوفيق، فيمدنى بسيب منه وفيض كريم، وكلما ظننت أبى قد رويت غلة النفس زاد ما بي من ظمأ إلى مزاولة هذا الجهاد الصادق.
وقد رأيت أن همة الناشرين المحققين تتجه في أغلب ما تتجه إلى المخطوطات ذات الشهرة الظاهرة، وإلى ما جلّ مقداره من كتب السلف، مغفلين في أكثر الأمر هذه الرسائل الصغيرة. وقديما كان الناس كذلك، إنما يروقهم ما يملأ أبصارهم، وما يروعهم بجسامته وعظمه، ورب أسد مزير في أثواب رجل نحيف!
فصحّ منى العزم على أن أكشف عن طائفة من هذه الكتب الصغيرة غطاءها، وأقدم منها إلى جمهرة الباحثين مادة نادرة. وأن أجعل هذا في مجموعات متتالية متسلسلة الأرقام والصفحات. وسيتكون من كل أربع مجموعات مجلد يقع في نحو خمسمائة صفحة، تنتهى بفهرس عام لما فيها من الرسائل.
هذا. وليس يفوتني أن أذكر أن هذا العمل قد لقى منذ اللحظة الأولى في التفكير فيه، ترحيبا بالغا من رجال العلم، ووجدت فاتحة معاونة جميلة من الأصدقاء الغير، إذ تكرم الأخ العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الصنيع المكىّ فبادر بإرسال مخطوط نادر نفيس نسخه بقلمه مقابلا على أصله، هو:
«كتاب أسماء جبال تهامة وسكانها وما فيها من القرى وما ينبت عليها من الأشجار، وما فيها من المياه» لعرام بن الأصبغ السّلمىّ. وسيظهر إن شاء اللّه في المجموعة الثانية من نوادر المخطوطات.
وإني إذ أسجل لهذا الصديق شكرا عظيما على ما أسدى - لمرتقب أن أجد لهذا العمل التعاوني صدى عند من تضم مكتباتهم أمثال هذه الكتب الصغيرة النادرة.