للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذو رعين ما اجتمع عليه القوم أتاه بصحيفة مختومة فقال: يا عمرو، إني مستودعك هذا الكتاب، فضعه عندك في مكان حريز. وكتب فيه:

ألا من يشتري سهراً بنومٍ … سعيدٌ من يبيت قريرَ عينِ

فإن تك حميرٌ غدرت وخانت … فمعذرة الإله لذي رعين (١)

وإن عمراً أتى حسان أخاه، وهو نائم على فراشه، فقتله واستولى على ملكه فلم يبارك له فيه (٢)، وسلط عليه السهر، وامتنع منه النوم، فسأل الكهان والعياف، فقال له كاهن منهم: إنه ما قتل رجل أخاه قط بغياناً (٣) عليه إلا امتنع نومه فقال: هذا عمل رؤساء حمير، هم حملوني على قتله ليرجعوا إلى بلادهم. لم ينظروا لي ولا لأخي. فجعل يقتل من أشار بقتله رجلاً رجلا، حتى خلص الأمر إلى ذي رعين، وأيقن بالشر، فقال له ذو رعين: أما تعلم أني أعلمتك ما في قتله، ونهيتك؟ قال: ما أذكر هذا، ولئن كان ليس عندك إلا ما تدعي لقد طل دمك! قال: إن عندك لي براءة وشاهدا. قال: وما هو؟ قال: الكتاب الذي استودعتك. فدعا بالكتاب فلم يجده، فقال ذو رعين: ذهب دمي على أخذى بالحزم فصرت كمن أشار بالخطأ (٤)، فقال الملك أن ينعم طلبه (٥)، فأتى به فقرأه، فإذا فيه البيتان اللذان كتبناهما، فلما قرأهما قال: لقد أخذت بالحزم.

قال: إني حسبت (٦) ما رأيتك صنعت بأصحابي.


(١) السيرة ١٨ جوتنجن: «فإما حمير غدرت».
(٢) كلمة «فيه» ساقطة من ب.
(٣) بغيانا، كذا وردت في النسختين. وفي السيرة: «بغيا على مثل ما قتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه».
(٤) الخطاء: الخطأ. وفي الأغانى ٢٠: ٨: «بالخطإ».
(٥) كذا. وفي الأغانى: «ثم سأل الملك أن ينعم في طلبه».
(٦) أي ظننت وحدست. وفي الأغانى: «خشيت».

<<  <  ج: ص:  >  >>