للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان سبب قتله أن طيئاً كانوا يسكنون الجوف (١) من أرض اليمن، وهو اليوم محله مراد وهمدان، وكان مسكنهم وادياً يدعى ظريباً (٢)، وكان سيدهم يومئذ أسامة بن لؤي (٣) بن الغوث بن طيئ، وكان الوادي مسبعة (٤) وهم قليل عديدهم (٥)، وقد كان ينتابهم بعير في أزمان الخريف، فيضرب في إبلهم، فإذا انقطع الخريف لم يدر أين يذهب، ولم يروه إلى قابل. وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام العرم (٦) فتفرقت، فاستوحشوا لذلك، وقالوا:

قد ظعن إخوتنا فصاروا إلى الأرياف. فلما هموا بالظعن قالوا: يا قوم، إن هذا البعير الذي يأتينا، من بلد ريف وخصب، وإنا لنصيب في بعره النوى، ولو أنا تعهدناه عند انصرافه فشخصنا معه لعلنا نصيب مكاناً خيراً من مكاننا هذا.

فأجمعوا أمرهم على ذلك. فلما كان الخريف جاء الجمل فضرب في إبلهم، فلما انصرف احتملوا فتبعوه، فجعلوا يسيرون بسيره، ويبيتون حيث يبيت، حتى هبط بهم على الجبلين، فقال أسامة بن لؤي:

اجعلْ ظريباً كحبيبٍ ينسى … لكلِّ قومٍ مصبحٌ وممسي

فهجمت طيئ على النخل في الشعاب، ومواش كثيرة وحشية كانت لقوم من جديس، وإذا هم برجل في شعب من تلك الشّعاب، وهو الأسود بن عفار،


(١) ا: «الحرف» وصححها الشنقيطي بما يوافق ما في أخبار عبيد بن شرية ٤٨٨.
وعند ابن الأثير ١: ٢٠٥: «الجرف». وفي معجم البلدان ٣: ١٧٥ «أبو زياد:
الجوف: جوف المحورة ببلاد همدان ومراد».
(٢) في النسختين: «طرنيا»، تحريف. وظريب، بفتح أوله وكسر ثانيه، قال ياقوت: «موضع كانت طيئ تنزله قبل حلولها بالجبلين، فجاءهم بعير ضرب في إبلهم فتبعوه حتى قدم بهم الجبلين».
(٣) في العرب «سامة بن لؤي بن غالب بن فهر». وأما هذا فهو أسامة.
(٤) ا: «مسلعة» وصححها الشنقيطي موافقا ما في الأغانى ١٠: ٤٧. والمسبعة:
الموضع الكثير السباع.
(٥) ا: «عديلهم» وصححها الشنقيطي. وفي الأغانى: «عددهم».
(٦) ا: «العرب»، والتصحيح للشنقيطى في نسخته. وفي الأغانى: «الصرم»، تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>