للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزل مرو، وفوز (١) منها يريد سمرقند، فلما انتهى إلى نهر بلخ دعا بالعامات (٢) ليعبر عليها. فلما تحملوا وجازوا كان أول ما سمعه من النداء نداء مناد من غلمان العسكر: يا ظفر! فتفاءل بالظفر. ثم نادى آخر: يا علوان! فقال: علا أمركم إن شاء الله. وبدر الناس رفيع أبو العالية الرياحي الفقيه، فصلى ركعتين، فكان أول من صلى ركعتين من وراء النهر.

ونفذ الناس حتى انتهى إلى بخارى - والملكة يومئذ ببخارى يقال لها «خنك خاتون» فصالحها صلحا معلوما على أن تخلى له الطريق إلى سمرقند، وأخذ منها رهناً على الوفاء ثلاثين غلاماً من أبناء الملوك مرداً كأن وجوههم السيوف، وسهلت له الطريق، والتقى هو وخاتون فقرفهما (٣) أهل خراسان، وغنوا عليهما أغنية بالخراسانية، وهي:

كور خمير آمذ خاتون دروغ كنده (٤)

فمضى إلى سمرقند فظفر وقتل وسبى ثلاثين ألف رأس، ثم رجع. فلما انتهى إلى بخارى قالت له الملكة «خنك خاتون»: أردد عليَّ الرهون فقد (٥) سلمك الله. فقال: إني أخاف غدرك حتى أقطع النهر. فلما قطع النهر. بعثت إليه أرددهم.

قال: حتى أنزل مرو. فمضى بهم ولم يرددهم عليها. ومضى قافلا إلى المدينة،


(١) فوز الرجل بإبله: سلك بها المفازة.
(٢) العامة: معبر صغير يكون في النهر، يتخذ من أغصان الشجر ونحوها.
(٣) قرفه: عابه واتهمه.
(٤) كور، بالفارسية بمعنى الأعمى أو العمياء. وإذا قرئت «كور» كان معناها عابد النار أو الصم. آمد بمعنى أقبل أو جاء. ورسمت في النسختين «آمذ». بالمعجمة دروغ بمعنى الكذب، وفي النسختين: «دروع»، تحريف.
(٥) ا: «فقال». والتصحيح للشنقيطى.

<<  <  ج: ص:  >  >>