للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأين هم؟ قال: في دار الوليد بن سعيد (١) في بني أود. قال: فانطلق فأرنيهم. فخرج الأسود بين يديه وأبو حميد يتبعه في موكبه حتى دخل فقال:

السلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله. ثم أرسل عينيه بالبكاء وقال: ما لكم هاهنا؟ قالوا: تركنا أبو سلمة هاهنا منذ شهرين. فقال: يا أمير المؤمنين، منذ شهرين أركب. فحمله وأهل بيته ثم أقبل بهم إلى المسجد، وعلم أبو سلمة ما وقع فيه فقال: إنما أخّرت أمركم لإحكام ما أريد منه.

ثم إن أبا العباس تنكر لأبي سلمة، فلما هموا به كرهوا الإقدام عليه دون مشاورة أبي مسلم، فكتب إليه يعلمه بغشه وما أراد من صرف الأمر إلى غيره وما يتخوف منه. فكتب أبو مسلم إلى أبي العباس: فليقتله أمير المؤمنين. فقال له داود بن علي: لا تفعل يا أمير المؤمنين فيحتج عليك أبو مسلم وأهل خراسان الذين معك، وحاله عندهم حاله، ولكن اكتب إلى أبي مسلم أن يبعث إليه من يقتله. فكتب إليه بذلك، فوجه أبو مسلم مرار بن أنس الضبي، فقدم على أبي العباس فأعلمه قدومه. وكان أبو سلمة يسمر عند أبي العباس، فجاء مرار الضبيُّ فجلس على باب أبي العباس، فلما خرج أبو سلمة وتنحى عن الباب شدّ عليه فقتله.

فلما أصبح لعن على باب الخليفة، وذكروا فسقه وغشه وغدره، فقال سليمان ابن المهاجر البجلىّ:

إنّ الوزير وزيرَ آل محمد … أودى فمن يشناك كان وزيرا (٢)


(١) الطبري ٢: ١٢٨: «الوليد بن سعد».
(٢) يشناك، بالتسهيل في ا والطبري ٩: ١٤١ والفخري ١٣٨. وجعلها الشنقيطي «يشنؤك». ومعناه يبغضك. وبعد البيت عند الفخري:
إن السلامة قد تبين وربما … كان السرور بما كرهت جديرا

<<  <  ج: ص:  >  >>