للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتنجيم، فأعجب به، ووصفه بحضرة الأفضل وأثنى عليه، وكان كاتب الأفضل ينفس عليه ذلك، ويخشى بأس تاج المعالي، وحدث أن تتابعت من تاج المعالي السقطات فأدى ذلك إلى أن يقبض عليه الأفضل ويعتقله، فيجد كاتب الأفضل الفرصة سانحة للقضاء على أبي الصلت، فيختلق له ما يدفع الأفضل إلى أن يلقى به في سجن المعونة (١) بمصر، مدة ثلاث سنين وشهر (٢)، بعد الذي دبج فيه من المدائح والشعر (٣).

ويروى ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء. أن دخول أبي الصلت إلى مصر كان في حدود سنة ٥١٠ هـ، وأنه حبس في الإسكندرية في خلافة الآمر بأحكام الله ووزارة الأفضل (٤). فإن صحت هذه الرواية كانت سنداً في أن أبا الصلت ورد مرة أخرى بعد وفاة ولي نعمته أبي الطاهر يحيى بن تميم بن المعز ابن باديس (٥) المتوفى سنة ٥٠٩، وهي سنة خروجه من مصر.


(١) ذكر المقريزي هذا السجن عند ذكر الدار المأمونية المنسوبة إلى المأمون البطائحي.
قال: «وكان بجوار الدار المأمونية حبس المعونة». ثم قال: «ولم يزل هذا الموضع سجنا مدة الدولة الفاطمية، ومدة دولة بنى أيوب، إلى أن عمره الملك منصور قلاوون قيسارية أسكن فيها العنبرانيين في سنة ٦٨٠». وقال: «وكان حبس المعونة هذا يحبس فيه أرباب الجرائم … وأما الأمراء والأعيان فيسجنون بخزانة البنود». والدار المأمونية هي المعروفة بالمدرسة السيوفية.
(٢) وقد روى المقرى في نفح الطيب (١: ٥٣٠ ليدن) رواية عجيبة: أن عمر أبى الصلت ٦٠ سنة، منها ٢٠ في أشبيلية، و ٢٠ في أفريقية عند ملوكها الصنهاجيين، و ٢٠ في مصر محبوسا في خزانة الكتب.
(٣) انظر بعضها عند ابن أبي أصيبعة (٢: ٥٣، ٥٦).
(٤) ذكر ابن أبي أصيبعة سبب حبسه في الإسكندرية: أن الأفضل طلب إليه أن يعمل الحيلة في رفع مركب غارق في البحر، فاجتهد أبو الصلت، ولكنه حينما قارب النجاح خانه جده، فهبط المركب إلى قعر البحر، بعد ما كبد الدولة خسائر فادحة، فحبسه الأفضل لذلك.
(٥) ملك أبو الطاهر يحيى بن تميم، المغرب سنة ٥٠١ واستقر في ملكه إلى أن توفى سنة ٥٠٩. انظر تاريخ طرابلس الغرب لابن غلبون (ص ٣٩ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>