للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبلغ الشعر عبد الله بن الزبير فقال: إن مصعباً قدم خيره، وأخر أيره.

وبلغ الكلام عبد الملك بن مروان فقال: لكن عبد الله قدم أيره وأخر خيره.

أحمد قال: قال أبو الحسن: قال الشعبي: كان يجالسنا أيام الفتنة رجل فقلت: من أنت؟ قال: مولى عائشة بنت طلحة، خطبها مصعب بن الزبير وتزوجها فأحبها، وكانت خطبة جميلة من امرأة في أذنها عظم، وفي ساقها حموشة (١) وقال قوم: في قدمها عظم. فأغارها مصعب يوماً فسمته.

أنبأنا أحمد قال: قال أبو الحسن: عن علي بن مجاهد عن الشعبي قال: قال الشعبي: أخذ بيدي مصعب فمضى وأنا معه حتى دخل منزله ويده في يدي فرفع ستراً فإذا عائشة، فإذا أحسن الناس وجهاً، فأعرضت وخلاني ودخل، فرجعت ثم رحت إليه بالعشى وهو جالس فأشار إلي بيده فقال: رأيت ذاك الإنسان؟

قلت: نعم. فقال: أفرأيت مثله؟ فقلت: لا. قال: تلك ليلى التي يقول فيها الشاعر:

وما زلتُ من ليلى لدنْ طرَّ شاربي … إلى اليوم أخفي حبها فأباينُ (٢)

وأحملُ في ليلى لقلبي ضغينةً … وتحملُ في ليلى عليَّ الضغائن

يا شعبي رأيت عائشة وما بد لك إذ رأيتها من صلة. ثم قال لابن أبي فروة:

أعط الشعبي عشرة آلاف درهم وعشرين ثوبا. فقتل عنها مصعب فخطبها بشر ابن مروان. وقدم عمر بن عبيد الله بن معمر من الشام فنزل إلى الكوفة، فبلغه أن بشراً خطب عائشة فأرسل إليها: «أنا خير لك من هذا المبسور (٣)، وأنا ابن عمك وأحق بك، وإن تزوّجت بك ملأت يتك خيراً، وملأت حرك أيرا».

فبنى بها بالحيرة فمهدت له فرشا سعة عرضها أربع أذرع، فأصبح ليلة بنائها عن


(١) الحموشة: الدقة، وفي الأصل: «جموسة»، محرفة.
(٢) البيتان لكثير عزة كما في الأغانى (٢: ١٣٣) وروايته: «وأداجن».
(٣) الميسور: من به الباسور.

<<  <  ج: ص:  >  >>