عَلَى الْمُقَيَّدِ لَزِمَ مِنْهُ طَهَارَةُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ دُونَ الْمُذَكَّاةِ فَهَلْ الَّذِي قَالَهُ الْحَنَفِيُّ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَمَا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ النَّوَوِيَّ قَدْ غَلِطَ فِي اسْتِدْلَالِهِ فَهُوَ الْغَالِطُ؛ لِأَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى تَعْيِينِ التُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ بِمَا فَهِمَهُ الْمُعْتَرِضُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى تَعْيِينِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦] لِأَنَّ الْإِتْيَانَ فِيهَا بِمِنْ الدَّالَّةِ عَلَى التَّبْعِيضِ يَقْتَضِي أَنْ يَمْسَحَ بِشَيْءٍ يُجْعَلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ وَقَدْ أَنْصَفَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ الزَّمَخْشَرِيُّ فَإِنَّهُ أَبْرَزَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي صُورَةِ سُؤَالٍ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قُلْت هُوَ كَمَا يَقُولُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَالصَّعِيدُ الطَّيِّبِ فِيهَا فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِالتُّرَابِ الطَّاهِرِ وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ» وَهَذَا خَاصٌّ فَيُحْمَلُ الْعَامُّ عَلَيْهِ فَتَخْتَصُّ الطَّهُورِيَّةُ بِالتُّرَابِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِدْلَالَ بِالتُّرْبَةِ عَلَى خُصُوصِيَّةِ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute