يَا رَبِّ اُرْدُدْ عَلَيَّ أَبَوَيَّ» .
[مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَعَصَى آدَم رَبَّهُ فَغَوَى]
(سُئِلَ) عَنْ قَوْله تَعَالَى فَ {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: ١٢١] فَإِنَّ الْعِصْيَانَ مِنْ الْكَبَائِرِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: ٢٣] وَالْغِوَايَةُ تُؤَكِّدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: ٤٢] وَقَالَ {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٣٧] وَالتَّوْبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ ذَنْبٍ وَقَالَ {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: ١٩] وَ {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣] وَالظُّلْمُ ذَنْبٌ وَالْخُسْرَانُ لَوْلَا الْمَغْفِرَةُ دَلِيلُ كَوْنِهِ كَبِيرَةً، وَقَالَ {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: ٣٦] وَاسْتِحْقَاقُ الْإِخْرَاجِ بِسَبَبِ إزْلَالِ الشَّيْطَانِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الصَّادِرِ مِنْهُمَا كَبِيرَةً؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْجَوَابَ مِنْ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلِ أَنَّ آدَمَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا حِينَئِذٍ وَالْمُدَّعِي مُطَالَبٌ بِالْبَيَانِ إذْ كَيْفَ يَدَّعِي أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُمَّةَ لَهُ هُنَاكَ كَانَ نَبِيًّا مَبْعُوثًا لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ وَهَلْ كَانَ الِاجْتِبَاءُ بِالتَّوْبَةِ إلَّا بَعْدَ تِلْكَ الْقِصَّةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ} [طه: ١٢٢] ثُمَّ إنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي وَالْمُهْلَةِ فَهَذِهِ الْقِصَّةُ كَانَتْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ. الثَّانِي أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ظَالِمًا وَخَاسِرًا؛ لِأَنَّهُ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَخَسِرَ حَظَّهُ بِتَرْكِ الْأَوْلَى بِهِ، وَأَمَّا إسْنَادُ الْغَيِّ وَالْعِصْيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute